عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 05-10-2005
الصورة الرمزية لـ kotomoto
kotomoto kotomoto غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: Oct 2004
المشاركات: 583
kotomoto is on a distinguished road
star

CONTINUE
أولا .. لانه يصادر على الرأى الآخر من البداية ولا يعتبره صالحاً للمناقشة من الأساس .
ثانياً .. إذ يرفض وضع هذا الرأى على جدول أعمال الحوار أصلاً ، يقفز فوراً إلى الإثارة والتهييج، ثم التهديد بـ "حمامات دم" ورجوع "العنف مرة أخرى إلى مصر"، مع استخدام عبارات كريهة مثل "جثث الجميع"
وهذا منهج يتنافى مع الروح الديموقراطية البناءة، فضلا عن انه يتجاهل حقائق أساسية .
منها ان هذا المطلب ليس من اختراع الدكتور يوحنا قلته بطريرك الكنيسة الكاثوليكية. بل هو فى المقام الأول مطلب لتيار "مصرى" أغلبيته الكاسحة من المسلمين ويضم أقلية من المسيحيين. وهذا التيار ليس وليد الحملة الانتخابية الرئاسية التى لم يهدأ غبارها بعد، وانما هو تيار عريق يضرب بجذوره فى عمق التاريخ المصرى الحديث، وتبلور فى مطلع القرن العشرين فى الشعار الملهم "الدين لله والوطن للجميع"، الذى أعلى من شان "المواطنة" كمبدأ أسمى .
والصراع قائم فى مصر الحديثة بين تيار المطالبين بالعلمانية التى تعنى فصل الدين عن السياسة، وبين تيار المطالبين بالدولة الدينية .
وهذا الصراع يتواري أحيانا ويقفز إلى السطح أحيانا أخرى، لكنه ظل صراعا فكرياً سلمياً فترة طويلة، ولم يدخل مرحلة الاحتقان إلا فى فترات الأزمات وعصور الانحطاط والانكسار الوطنى.
وفى كل هذه الفترات المأزومة .. نلاحظ أن الحوار حول هذه القضية المزمنة لا يدخل مدار الاحتقان فقط، بل يتسم دائما وأبدا بمحاولات لى ذراع الحقيقة وتشويهها. والحقيقة المفترى عليها اكثر من غيرها بهذا الصدد هى الزعم بان العلمانية تعنى الكفر والإلحاد أو إنكار الدين أو تقييد حرية العقيدة. وهذا كذب وافتراء وتدليس.
والدول العلمانية، التى تشمل معظم البلدان المتقدمة فى العالم، ليست دولا كافرة، بل إن الأديان فيها مصانة، وحرية العقيدة محترمة. والمفارقة الأكبر ان قادة التنظيمات الإسلامية الذين يتعرضون للعنف والاضطهاد فى البلدان الإسلامية لا يجدون ملاذا يلجأون إليه سوى هذه الدول العلمانية !
وهذه الدول المتقدمة لم تولد علمانية، بل انها رزحت قروناً طويلة تحت حكم الكنيسة ورجال الدين الذين أقاموا دولا دينية اضطهدت الشعوب وأذاقتها المر .
ولم تعرف تلك البلدان طريق التقدم والتخلص من عصور الظلام ، والقرون الوسطى، الا بعد التمرد على هذه الدولة الدينية التى أساءت إلى الدين قبل أن تسئ إلى البشر .
ولم يكن ممكناً السير على طريق التقدم والنهضة إلا باستبدال الدولة الدينية بالدولة المدنية الديموقراطية، التى يكون فيها الإنسان هو مصدر القانون ، وتكون الأمة هى مصدر السلطات، ويكون الصراع السياسى والاجتماعي والفكرى بها صراعاً إنسانياً صرفاً ، وليس صراعاً بين حزب الله وحزب الشيطان حسب التصنيف غير الديموقراطى الذى يضعه دعاة الدولة الدينية.
وليس فى الدولة المدنية الديموقراطية ادعاء لحقيقة مطلقة، ولا مسوغ لوصاية من أحد على خلق الله. وبالتالى لا وجود لثقافة المبايعة والسمع والطاعة، ولا اعتراف إلا بثقافة التأييد والمعارضة وتداول السلطة نزولا على إرادة الأغلبية (القابلة لان تتحول إلى أقلية يوماً ما)
إذن موضوع الدولة العلمانية ليس مطلباً مسيحياً، ولا يمكن – منطقياً – أن يكون مطلباً دينياً أصلاً، لانه –كما قلنا– يهدف إلى فصل الدين عن السياسة .
وإذا انضم أحد المسيحيين إلى تيار المطالبين بإقامة دولة مدنية ديمقراطية، سواء كان هذا المسيحى مدنيا أو رجل دين، إنما هو يفعل ذلك باعتباره " مواطنا" مصرياً متساوياً فى الحقوق والواجبات مع المرشد العام للإخوان المسلمين وفضيلة شيح الأزهر وقداسة البابا شنودة .
لذلك نأمل أن يتوقف هذا المنهج "التفكيرى"، الذى يستسهل تكفير الرأى الآخر، ويسمم بذلك آبار الحوار الوطنى التى نحن أحوج ما نكون إلى تنقيتها فى هذا الوقت بالذات .
وهو ما يتناقض مع الخطاب المتغطرس، والمتهور ، والمتعصب، الذى رأينا قليلا من تجلياته فى صدر هذا المقال من قبيل التلويح بـ "حرب أهلية" و "حمامات دم" وغيرها من "خيارات" لجأ إليها "الاخوان المسلمون" من قبل ورأوا أنها لا تؤدى إلا إلى طريق مسدود .. يلحق الضرر بالوطن والأمة ولا يقربهم من هدفهم المستحيل .
وليتهم يتدبرون تجارب أقرانهم فى بلدان أخرى، وكيف أن إصرارهم على اعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع أدى إلى وضع بلد عربى – مثل السودان – فى مواجهة خطر التقسيم والعياذ بالله وتقسيم البلاد إلى شمال وجنوب .
فهل نعتبر؟!
__________________
KOTOMOTO
الرد مع إقتباس