عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 29-01-2005
محمد عبد المجيد محمد عبد المجيد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 60
محمد عبد المجيد is on a distinguished road
حوار بين الرئيسين حسني مبارك وجمال مبارك .. الجزء الثاني

مبارك الثاني: لكننا صنعنا، أبي العزيز، طبقة ثرية إن نهب أقل أفرادها عدة ملايين لسخروا منه لزهده وجُبنه. إنهم يلعبون باقتصاد أكبر دولة عربية، ويحتكرون أموال الوطن كله، ويفرّغون مصارفه وبنوكه من المليارات التي تدخل الخزانة قادمة من تحويلات المصريين في الخارج وقناة السويس والبترول والدعم الأمريكي والغربي والخليجي والسياحة.
إن أصدقائي المقربين يملكون مليارات وقمت بمد خيوط بينهم ليصبحوا شللية متماسكة تستطيع أن تسبغ حمايتها علي في أوقات الكوارث .

مبارك الأول: مازلتَ، ولدي العزيز، ساذجا وتظن أن هؤلاء حماية لك من غضبة الشعب.
كما أن رأس المال في علم الاقتصاد ****، فإن أصحاب رؤوس الأموال أكثر جبنا من أي شيء آخر يتحرك داخل دائرة الاقتصاد .. وهو عَصَبُ الحياة.
في فيلم بيت الأشباح عن رواية إيزابيل آينيدي التشيلية كان هناك حوار بين عسكري من قوة انقلاب وبين الرجل الأكثر ثراء والذي كان يدعم المؤسسة العسكرية مليارديرا ونائبا في البرلمان وصاحب ممتلكات لا تغيب عنها شمس تشيلي، وأصر الثري أنه هو الذي يملك المال ويدعم السلطة، فَرَدّ العسكريُ الجلفُ وقد وضع حذاءه فوق المنضدة: لكننا نحن الذين نملك القوة والسلاح.
كل أصدقائك سيختفون ويذوبون بُعيّد أي تغيير في الحكم، ونفس الأمر ينسحب على من نهبوا وهبروا واختلسوا واحتالوا واقترضوا مئات الملايين في مشروعات لم تحقق للشعب أقل أمانيه.

مبارك الثاني: أراك، أبي الحبيب، وقد شحب لونك، وضعفت صحتك، وبدا خوفك واضحا من يوم الحساب المصري الذي يعده لنا هؤلاء الغوغاء على نار هادئة، فلماذا لا نشرك الشعب في الحكم، وتعلن أنت كفايتك من ولايات أربع، وأقوم أنا بترشيح نفسي في مسرحية كوميدية سوداء كما فعل الرئيس زين العابدين بن علي؟

مبارك الأول: ليست القضية ترشيحا صوريا لشخصين أو ثلاثة وستحصل على نفس النسبة المئوية للأصوات، أي ستة وتسعين بالمئة، ولكن في الايعاز والايحاء والتصريح ضمنا أو جهرا للمصريين أنهم يتساوون بنا، وأن من حق المصري أن يرشح نفسه أمام مبارك الأول أو الثاني أو الثالث ...
عندما تتصرف بسذاجة وتواضع أمام المصريين فقد سقطت في فخ الحقوق والحرية والكرامة والمساواة.
هل رأيت أباك في يوم من الأيام يسارع لانقاذ المصريين؟ لو فعلت أنا هذا مرة واحدة فلن ينتهي مسلسل طلباتهم وكأنني أعمل في خدمتهم.
إنهم يبكون، ويصرخون، ولو جمعت دموع المصريين في ثلاثة وعشرين عاما لانشقت الأرض عن بحيرة جديدة، وهم يستجدون، ويتذللون، وأرسلوا لي عشرات الآلاف من الشكاوى المُرّة التي تخترق حجب السماوات العلا، ولم أكترث لهم أو أعبء بهم أو أهتم بأمرهم ..
إنهم في قناعاتي حشرات لا تستحق دهسة حذاء لي، يريدون مني مشروعا قوميا لمحو الأمية، ومشروعا وطنيا لبناء مدينة جديدة ينتقل إليها سكان المقابر ، ويطلبون دواء رخيصا، والقضاء على الاستغلال، والحفاظ على مستوى ثابت من الأسعار، واحترام كرامتهم، ووقف التعذيب والاغتصاب والحرق والسلخ في أقسام الشرطة، وتعيين أصحاب الكفاءات، والغاء قانون الطواريء، ومطاردة الفاسدين، ويطمعون في عدالة وقضاء نزيه وسريع، والبت في عدة ملايين من القضايا التي تنتظر في محاكم أبطء من السلحفاة، ويريدون إدارة سليمة، وتعليما جيدا، ومستشفيات نظيفة، ويزداد نهمهم فيطلبون مني حماية المغتربين والمهاجرين ..
في مكتبي أوراق مكدسة منذ بداية حكمي لم أَبُتّ فيها امعانا في اذلال المصريين حتى يظلوا عاقدين أملا مستحيلا في تدخلي.
لو أنني بقيت سيد القصر في ولاية خامسة حتى أبلغ الثالثة والثمانين فسأجعل المصريين يلعقون تراب الأرض جوعا ومهانة وخنوعا.

مبارك الثاني: ألست خائفا، أبي العزيز؟

مبارك الأول: لا يخيفني شيء في مصر كلها إلا العصيان المدني فهو تمرد سلمي يمتنع فيه كل المصريين بدون استثناء،إلا من رجالنا، عن العمل أو الخروج أو التعاون مع الحكومة، فإذا وصلت الرسالة إلى الجيش والمخابرات ومباحث أمن الدولة وفهموا جميعا أن أفراد الشعب هم أهلهم وأقاربهم واصدقاؤهم وأحبابهم فسنضطر أنا ووالدتك وأنت وأخوك علاء إلى طلب اللجوء السياسي في سفارة الولايات المتحدة الأمريكية أو ألمانيا أو بريطانيا أو نلجأ لدولة عربية مثل الأردن واليمن والجزائر.
مبارك الثاني: لكنك لم تصرح لي حتى الآن بما يدور في ذهنك عن تجديد ولايتك لمرة خامسة أو اهدائي مصر عسى أن تضمن ربع قرن جديد لحكم مبارك حتى أُعِدّ أنا حفيدك ليتسلم مصر من بعدي إذا بقي فيها شيء لم ينهبه أو يسرقه أو يدمره حيتان عهدي.

مبارك الأول: إنني أعرف أن صحتي لم تعد تنهض بي لكنني لا اصدق أن يوما قد يغرب ومعه سلطتي كنصف إله لهذا الشعب. هل سمعت عن أي فرعون مصري زَهَدَ في الحُكم وخرج من الباب الرئيس للقصر عائدا إلى صفوف الجماهير كواحد منهم؟
ومع ذلك فقد بدأت أفكر جديا في اكمال مسرحية وراثة العرش لينتقل إليك دستوريا ويقطع الطريق على المتربصين بنا، وفي الوقت الحالي ليس أمامي غير ترشيح ثلثي أعضاء مجلس الشعب إياك، ثم يعقبه استفتاء شعبي يكتسح فيه الجاهلون والخائفون وأعضاء الحزب الوطني كل دوائر البلد لتصبح مصريا وعربيا ودوليا وأمريكيا فخامة السيد رئيس الجمهورية!

مبارك الثاني: وماذا عن المعارضة وقوتها واصرارها على كشف سوءاتنا؟

مبارك الأول: في نفس العام الذي شهد موّلدَك كتب المأمون أبو شوشة قصيدته الشعب ثار، يقول فيها:
الأغبياء .. الأدعياء .. المغرضون
يهللون: إن الرعيةَ حرّةٌ والشعب جبّار عنيد
انظر لسخف حديثهم
لغبائهم
أو ليس شعبك أو ****ك كلُهم مُلْكاً حلال؟
هكذا، ولدي العزيز، حري بنا أن نتعامل مع هذا الشعب، وفي الأيام الأولى بُعَيّد توليك السلطة تُلقي خلف القضبان عدةَ آلاف من المشاغبين والمعارضين، ولستَ في حاجة للشرح والتفصيل والتبرير فلدينا من ال**** أكثر من الهَمِّ على القلب وهؤلاء سيكتبون، ويبررون حملة الاعتقالات بأنها للحفاظ على أمن الوطن،
وسيعلقون في رقبة المتهم تهمته التي تليق به، مثل الانتماء إلى تنظيم غير شرعي. التخابر مع دولة أجنبية. التآمر ضد الشعب المصري.. الانتساب لتنظيم عالمي ارهابي. تعكير صفو السلام الاجتماعي. اثارة النعرات بين أبناء الوطن الواحد .. الخ
وكل تلك التهم ستجدها في درج مكتب رئيس التحرير لأي صحيفة قومية، أما رَصُّها وزركشتها ونفخُ الروح فيها فهي مهمته إذا أنجزها باتقان ضَمَنَ منصبه حتى يبلغ من العمر أرذله!


الجزء الثاني
الرد مع إقتباس