عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 01-11-2006
bisho_besh_besh bisho_besh_besh غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Aug 2006
المشاركات: 79
bisho_besh_besh is on a distinguished road
ومها يكن من أمر ذلك الإنكار فإنه، ومن خلال المصادر التاريخية سواء منها الإسلامية وغير الإسلامية يمكننا التعرف على الكثير من حقائق هذا الوجود الذي كان وجوداً مركزياً، ونشدد على كلمة مركزي لأن المسيحيون في الحقيقة لم يوجدوا كبضعة قبائل متناثرة هنا وهناك بل أنهم شكلوا ممالك أيضاً وهم استحقوا عن جدارة لقب ملوك العرب.
كانت هناك مملكة "حمير" في "اليمن الحالية" التي يعود إليها الفضل في توحيد جنوب الجزيرة العربية وهي مملكة عربية مسيحية، كان مركزها (نجران) جنوب الحجاز كما كانت هناك ممالك عربية مسيحية على تخوم بلاد الشام وكانت مملكة (الحيرة)، الكوفة حالياً مملكة عربية مسيحية وكان آخر ملوكها (النعمان بن المنذر) الذي تميز عهده بجو من السلام الذي ساد علاقة مملكة الغساسنة المسيحية في الشام، وكان (امرئ القيس الأول) ملكاً نصرانياً وكذلك (جبلة ابن الأيهم) ، ملكاً عربياً مسيحياً، وكانت هناك قبيلة تنوخ العربية المسيحية أيضاً والتي كانت تتصدر أقوى الممالك آنذاك في غرب البادية كما كانت المسيحية واسعة الانتشار في قبائل عربية أخرى مثل قبيلة قضاعة وربيعة وتميم وطيء وقبائل المناذرة والغساسنة على تخوم بلاد الشام، تماماً كما كانت منتشرة بين القبائل العربية في الحجاز ونجد. بينما كانت غالبية سكان منطقة يثرب ذات أغلبية عربية يهودية التي كانت من قبائلهم بني النضير.لا بل أن بعضاً من أبناء قبيلة قريش نفسها، والتي ينتمي إليها النبي (محمد بن عبد الله)، كانوا على دين المسيحية أيضاً.
ولعل بعض المعلومات التي تأتي عرضاً في بعض المدونات التاريخية الإسلامية تكون مفيدة ودليلاً على ما نذهب إليه.
فقد ذكر المؤرخ الإسلامي المعروف (أبو الوليد الأزرقي) عرضاً، في كتابه "أخبار مكة"، ما يؤكد لنا أن الكعبة كانت محجاً لجميع الديانات التوحيدية وغير التوحيدية قبل الإسلام، إلا أن اللافت في كتاب الأزرقي، ما رواه لدى دخول محمد وأتباعه إلى الكعبة وتحطيمهم للأصنام فيها حيث ذكر: "أن النبي دخل الكعبة يوم الفتح وفيها صور الملائكة وغيرها فرأى صورة إبراهيم فقال: جعلوه شيخا يستقيم بالأزلام، ثم رأى صورة مريم فوضع يده عليها وقال امحو ما فيها من الصور(أي الكعبة) إلا صورة مريم. "والرواية ذاتها تتكرر عديد المرات بصيغ أخرى لدى المؤرخ نفسه" أخبرني محمد بن يحيى عن الثقة عنده عن ابن اسحاق عن حكيم عن بن عباد بن حنيف وغيره من أهل العلم أن قريش كانت قد جعلت في الكعبة صوراً فيها عيسى بن مريم ومريم عليهما السلام، قال ابن شهاب: قالت أسماء بنت شقر: أن امرأة من غسان حجت في حاج العرب فلما رأت صورة مريم في الكعبة قالت: بأبي وأمي إنك لعربية، فأمر رسول الله أن يمحوا تلك الصور إلا ما كان من صورة عيسى ومريم". وطبعاً لدى الأزرقي تتكرر الرواية ذاتها على ألسنة بعض الثقاة، ولكن دائماً في المضمون نفسه، ناهيك عن أن (الأزرقي) كما (الطبري) يؤكدان أن الذي بنى الكعبة هو إبراهيم الخليل وكما هو معروف فإن النبي إبراهيم هو مؤسس الديانة اليهودية، لا بل يؤكد كل مؤرخي الإسلام، أن معظم أنبياء اليهود إضافة إلى الملائكة وعلى رأسهم جبريل، كانوا ساهموا في بناء الكعبة كمكان مقدس، وأنها كانت بمثابة أقدس مكان بالنسبة لهم. كما يذكر الأزرقي في كتابه نفسه أكثر من ذلك قال: "حدثني جدي قال: أخبرني ابن اسحاق أن قريش وجدت في الركن كتاباً بالسريانية فلم يدروا ما هو حتى قرأه لهم رجل من اليهود: فإذا هو (أنا الله ذو بكة خلقتها يوم خلقت السموات والأرض وصورت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى تزول أخشباها مبارك لأهلها في الماء واللبن) وفي رواية أخرى ذكر أن هذا الكتاب السرياني وجد على حجر في الكعبة "قبل مبعث الرسول بأربعين حجة، وذلك عام الفيل أن كان ما ذكره لي حقاً من يزرع خيراً يحصد غبطة، ومن يزرع الشر يحصد ندامة تعملون السيئات، وتجزون الحسنات أجل كما لا يُجْنى من الشوك العنب"وهذا الكلام منقول من الأناجيل وكما هو معروف فإن السريان كانوا - ولا يزالون - على دين المسيحية.
ورواية الأزرقي تؤكد لنا أن الكعبة لم تكن ملكاً لعبدة الأوثان فقط، بل كانت مكانا ومحجاً مقدساً لدى جميع أصحاب الديانات، الأمر الذي يعني ما نحاول التأكيد عليه من أن هذا الوجود المسيحي واليهودي كانا متغلغلين بعمق في كل مفاصل حياة الجزيرة وصولاً للكعبة ذاتها.
ولنا أن نؤكد أيضاً على حقيقة لا تقل أهمية، وهي أن الكثير من فطاحلة الشعر العربي في زمن ما قبل الإسلام وما بعده أيضاً كانوا من المسيحيين العرب الأقحاح، وهناك في الحقيقة كتاب من مجلدين للأب لويس شيخو يتناول فيها أسماء وبعض قصائد ومعلقات مئات الشعراء العرب الأقحاح من ال*****، مثل امرؤ القيس وعنترة بن شداد وعدي بن حاتم الطائي إلخ ما هنالك من شعراء العربية.
فاللغة العربية ليست كما هو شائع إعجاز قدمه القرآن، بل هي إحدى اللغات السامية القديمة التي كان تتحدث بها القبائل العربية من مختلف الديانات في منطقة شبه الجزيرة العربية ومنطقة الفرات وتخوم بلاد الشام إلى جانب اللغات الأخرى كالآرامية التي لا تزال بعض القرى في سوريا يتحدثون بها إلى يومنا هذا، والسريانية لا تزال لغة مستخدمة منذ آلاف السنين في شمال سورية وغرب تركيا ومناطق في العراق مثلما لا
يزال كلدان العراق يتكلمون لغتهم حتى يومنا هذا.وجدير بالذكر، أن بعض المدونات التاريخية تشير إلى أن النبي (محمدا)، كان قد عهد إلى المسيحيين بتعليم أبناء المسلمين القراءة والكتابة، ومما يجدر ذكره أيضاً أن الخليفة (عمر بن الخطاب) هو الذي أصدر قانونا بتهجير المسيحيين العرب من الجزيرة العربية، عندما برر عمله ذاك بجملته الشهيرة: "لا يجتمع في الجزيرة دينان" أي أن التهجير جاء بقرار سياسي من عمر.
وربما كان من الضروري التطرق في هذا السياق إلى حقيقة يتجاهلها بعض الذين يحبون أن ينسبوا اللغة العربية إلى أمجاد الإسلام، أن هذه اللغة تحولت على يد المستعمر التركي المسلم، إلى لغة ميتة نظراً لسياسة التتريك العثمانية التي استعاضت عن اللغة العربية بالتركية، وأن إعادة إحياء اللغة العربية تمت على يد المسيحيين العرب ولنا أن نذّكر أن الاستاذ ناصيف اليازجي المسيحي اللبناني، هو أول من أنجز القاموس الحديث باللغة العربية، وأن الشعراء والأدباء العرب المسيحيون وخاصة منهم اللبنانيون، هم من أوائل الذين تصدوا بكتاباتهم باللغة العربية لمهمة إعادة إحياء اللغة العربية، ولهذا الموضوع بحث آخر سنتطرق إليه في مقالات لاحقة.
نادية عيلبوني
كاتبة وصحافية فلسطينية تقيم في فيينا


http://www.copts-united.com/scaa/sca..._from=&ucat=7&
الرد مع إقتباس