الموضوع: من هو الاعظم؟
عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 03-06-2005
2ana 7or 2ana 7or غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 745
2ana 7or is on a distinguished road
2/2
للأسف الديمقراطية ليست سلعة تباع فى " السوبر ماركت "، وغير قابلة للإستيراد أو التصدير، كما أنها ليست مشروعا يبنيه لك المستثمر الأجنبى على طريقة " تسليم مفتاح ".
الديمقراطية فى الأساس هى فكرة... بذرة يجب أن تزرعها فى تربة صالحة فى أرض البلد الذى تريد تحقيق الديمقراطية فيه،... ترويها بالماء كى تنمو الى فسيلة صغيرة، و توفر لها الشمس و الماء والهواء والسماد اللازم، ورويدا رويدا تنمو وتكبر وتصبح شجرة كبيرة جذورها ضاربة فى الأرض وأصلها ثابت، وفروعها عالية شامخة وأوراقها ناضرة يستظل بظلها كل من ي عيش تحتها...
وحتى الديمقراطية فى الغرب لها أشكال وصور متعددة، غير أن كلها تشترك فى أن أفراد الطبقات الحاكمة فى المجتمعات الغربية يؤمنون بأنهم خدام لشعوبهم لا أسيادا عليها.

هل تعرف عزيزى القارئ ماذا يطلقون على كل من يعمل فى الحكومة فى المجتمعات الغربية المتقدمة ؟، يطلقون عليه : Civil Servant – أى " خادم مدنى " اذا ما ترجمنا هذا التعبير ترجمة حرفية، ينطبق هذا على الموظف الصغير وعلى المدير و على الوزير و على رئيس الوزارة و على رئيس الدولة.. جميعهم Civil Servants خدم عند سيدهم، وهو الشعب الذى يدفع مرتباتهم ومخصصاتهم وإمتيازاتهم ومصاريف علاجهم..

الشعب هو السيد والمارد، والحاكم أو الموظف ال عمومى هو الخادم المطيع، والمعيار في إختيار ه يتوقف على ا لكفاءة والخبرة والشفافية وطهارة اليد، والقدرة على الإنجاز فى العمل والتفانى فى خدمة سيده ألا وهو الشعب الذى أفراده هم " مواطنون لا رعايا "، و هذه هى النقطة الجوهرية التى ينبغى أن نركز عليها فى مصر لا على الحسب والنسب أو الجاه أو السن.

يجب ألا ننخدع بمظاهر التغيير الشكلى التى لا تقدم الدواء لإستئصال الداء، أو ن عول كثيرا على عامل السن،.. بلاشك هو أحد العوامل ولكن ليس العامل الرئيسى الحاسم، وعلى سبيل المثال لا الحصر – أنظر يا عزيزى القارئ إلى الرئيس السورى الشاب بشار الأسد – 40 عاما – والذى يحكم سورية منذ خمس سنوات. كم كان عمره عندما مات والده الرئيس حافظ الأسد رحمه الله ؟ وكيف قام النظام بتعديل الدستور السورى كى يصبح سن بشار " النبى حارسه وصاينه" مناسبا لخلافة والده فى الحكم، ناهيك عن أن الأب والإبن كلاهما ينتميان لأقلية علوية تحكم سورية منذ 35 عاما ؟ !!!

انظر إلى الرئيس بشار : شاب صغير السن، عرض وطول أطول من حسنى مبارك ومن جورج دبليو بوش – ربنا يديم عليه الصحة والعافية كمان وكمان..

بالله عليك أخبرنى ماذا فعل للشعب السورى طوال السنوات الخمس الماضية؟ !!

هل تحرر الشعب السورى من أصفاد وأغلال الحكم الديكتاتورى المستبد؟

هل قام بالإصلاحات التى يتوق اليها الشعب السورى البطل؟ !!

هل خرج الوجود السورى العسكرى من لبنان إلا مرغما، وخوفا من انهيار النظام السورى نفسه؟

أو ليس السيف الأموى الباطش لا يزال مسلطا على رقاب العباد فى سورية الحبيبة؟

ما فائدة صغر سنه هنا إذن إلا لنفسه لا لشعبه ؟ !!..

إذن المشكلة والطامة الكبرى هى فى النظام نفسه.

دعنى أقلب لك الصورة لنرى وجهها الآخر عند " الآخر "، وأسألك :

كم كان يبلغ جون اف كينيدى من العمر عندما أصبح رئيسا للولايات المتحدة، وكم كان عمر رونالد ريجان عندما أصبح أيضا رئيسا للولايات المتحدة؟

كم كان عمر ونستون تشرشل وهو رئيس وزراء بريطانيا وكم كان عمر تونى بلير؟

كم كانت أعمار ديجول وميتيران وشيراك عندما تولوا الحكم فى فرنسا؟

كم كانت أعمار بيير ترودو وجو كلارك و جون كريتيان وبول مارتن عندما تولوا جميعا رئاسة الوزارة فى كندا؟

كم كانت أعمار بوش الأب والأبن وبيل كلينتون عندما دخلوا البيت الأبيض كرؤساء؟

هل تغير النظام الأمريكى أو البريطانى أو الفرنسى أو الكندى عندما تغير رئيس الدولة أو الوزارة، مهما اختلف السن بين الرئيس ين الجديد والسابق؟ بالطبع لا.. لأن النظم السياسية فى هذه الدول نظم مستقرة راسخة لا تتغير بتغير الرؤساء.

وللأمانة والإنصاف نحن أيضا فى أوطاننا العربية لدينا نظم عريقة وراسخة، ولكن فى الإستبداد والديكتاتورية، وتخشى الحرية والديمقراطية، بينما هم فى الغرب لديهم نظم عريقة فى الديمقراطية تم تطعيمها عبر عقود طويلة بأمصال واقية ضد الإستبداد والديكتاتورية.

أسمع من يقول : "نريد دماء ا جديدة ".. حسنا،، انا أوافقك على هذا الطلب، وأوافقك على أن مصر ولادة وخلاقة، ولكن لا تنسى أننا بصدد الحديث عن منصب رئيس الجمهورية المصرية، وما أدراك ما هو منصب رئيس الجمهورية فى مصر، واسمح لى أن أسألك و أين هى هذه الدماء الجديدة ؟ يعنى نجيب أى واحد والسلام و ننصبه رئيس ا لل جمهورية؟ !

الحقيقة المرة والمؤلمة هى أننا فى مصر نعانى من " أنيميا حادة " فى السياسين الحقيقيين المخلصين، بعد أن ابتلينا بسياسيين منافقين يرون أنفسهم " رجال لكل العصور "... رجال يعرفون تماما " من أين تؤكل الكتف ".

أننا إذا ما استثنينا حزب التجمع – وبالمناسبة أنا لم أنتمى فى حياتى له أو لأى حزب سياسى
- الذى له برنامج ووجود بين الجماهير فى الشارع المصرى وفى الأوساط العمالية والطلابية، أنا أزعم أنه لا يوجد فى مصر أحزاب سياسية حقيقية بالمعنى المتعارف عليه فى المجتمعات الغربية الديمقراطية، ف كلها بما فيها الحزب الوطنى الحاكم أحزاب قد صدرت بقرارات فوقية من النظام أولا فى عهد الرئيس السادات ثم فى عهد الرئيس مبارك، والحزب الوطنى الحاكم ليس حزبا وإنما هو الدولة ذاتها وجهازها البيروقراطى العتيق، وه ذا الحزب فى علاقته ب ما يسمى بأحزاب المعارضة " زى الفريك ما يحبش شريك ".

والحزب الوطنى هو نفسه هيئة التحرير، وهو الإتحاد القومى، وهو الإتحاد الاشتراكى العربى، وهو حزب مصر العربى الاشتراكى، أما باقى
أ حزاب المعارضة ف لا وجود حقيقى لها فى الشارع المصرى، فلا قواعد شعبية لها ولا يحزنون، وإنما كل حزب منها ما هو إلا عبارة عن رخصة، وصحيفة، وشقة فى عمارة سكنية، ورئيس حزب يتشدق ويطالب بالديمقراطية وهو لا يمارسها فى حزبه، وتسمر فى كرسيه، حتى بعد انتهاء عمره الإفتراضى وتحوله إلى " مومياء " هاربة من متحف الآثار !!!.

الأحزاب السياسية الحقيقية يا سادة تنشأ من القاعدة، من الشارع و من الحارة و من الزقاق، ومن القرية و المركز والمدينة، وتثبث جدارتها أولا بين جموع الجماهير العاديين البسطاء، ثم تكبر وتصعد الى أعلى السلم الهرمى عن جدارة كى تستحق أن تصل الى الحكم، وخلال رحلة الصعود تحرص قيادات الحزب المتمرسة فى العمل السياسى على خلق صف ثُان، وصف ثالُث ورابع من الكوادر الحزبية،... عملية تدريب وممارسة وتطعيم مستمرة لضخ دماء جديدة من الكوادر الحزبية السياسية المؤهلة، فهل عند نا هذا النوع من الأحزاب فى مصر فى وقتنا الحاضر؟ !!!

الأحزاب السياسية الحقيقية، وحتى الكبيرة منها تستمد شرعيتها ووجودها من قاعدة الهرم الإجتماعى وليس من قمته، أو من " لجنة السياسات ".
سوف تتحقق الديمقراطية فى مصر عندما تختفى من داخلنا - شعوبا وحكام - ثقافة القهر... والخوف والكراهية.

وعندما يكون لديها نظام سياسى ديمقراطى - SYSTEM لا يتغير بتغير الحكام.


كاتب وصحفى مصرى – كندى
الرد مع إقتباس