عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 22-10-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
من يعتذر لمن ومن يحاكم من؟ (2-3)

مجدى خليل


في 30 سبتمبر 2005 نشرت مجموعة من رسامي الكارتون رسوما في صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية فيها إساءت لرموز إسلامية، وهو عموما جزء من سلوك غربي عام في نقد المقدس بلا سقف كجزء أساسي من حرية التعبير التي دشنتها الحضارة الغربية. وبعد أن زار وفد من مسلمي الدنمارك دولا عربية لتسخين الأجواء وجدها بعض شيوخ التطرف ونظم سياسية مأزومة في إيران ودمشق فرصة لتفجير الأوضاع الاحتجاجية ضد المصالح الغربية. فقال حسن نصر الله في 1 فبراير 2006 "لابد من أتخاذ موقف صارم من الإساءة للرسول، فلو تم تنفيذ فتوي الأمام الخوميني بإعدام سلمان رشدي لما تجرأ أحد على النيل من الرسول""(جريدة الأهرام 3 فبراير 2006).

وفي خطبة الجمعة بتاريخ 3 فبراير 2006 والتي نقلتها قناة الجزيرة أخذ يوسف القرضاوي يصرخ بأعلى صوته "لابد للامة أن تغضب: يروي عن الأمام الشافعي قوله من استغضب ولم يغضب فهو حمار، فلسنا حميرا تركب ولكن أسود تزأر"(قناة الجزيرة 3 فبراير 2006) وأخذ يصرخ داعيا الأمة للغضب.

وقد استجاب متطرفوا الأمة، المستعدون للغضب والعنف والتخريب بسبب وبدون سبب، فاندفعت مظاهرات عارمة تخريبية في أغلب الدول الإسلامية. في نيجيريا تم حرق 11 كنيسة في ولاية بورنووكاتسينا ومقتل 24 شخصا وجرح عشرين أخرين. وفي ليبيا أحرق المتظاهرون قنصلية إيطاليا في بني غازي وقتل 11 شخصا منهم في مواجهات مع الشرطة. وفي سوريا هاجمت جحافل المتظاهرين سفارتي الدنمارك والنرويج وحرقت سفارة الدنمارك. وفي لبنان حرق المتظاهرون سفارة الدنمارك والقنصلية الدنماركية في بيروت وهجموا على كنيسة مارونية وعلى سفارتي النرويج وتشيلي مع هجوم تخريبي على بعض ممتلكات المسيحيين. وفي باكستان أشعل المتظاهرون النار في كنيستين في مدينة سوكور الجنوبية، وقتل خمسة أشخاص في مظاهرات متفرقة أثناء الهجوم على مصالح غربية. وفي إيران هاجم المتظاهرون سفاراتى الدنمارك والنرويج في طهران. وفي تركيا قتل راهب كاثوليكي في أنقرة. وفي غزة اقتحم مسلحون مكتب الاتحاد الأوروبي وطالبوا باعتذار، وفي رام الله أصدرت كتائب شهداء الاقصى بيانا هددت باهدار دم رعايا النرويج وفرنسا. وفي السعودية أفتي الشيخ عبد العزيز الراجحي بقتل الرسامين الدنماركين ونفس الفتوي أصدرها الشيخ الكويتي ناضم المسباح. (إيلاف:صالح الراشد " ايهما اخطر الرسام الدنمركى أم هولاء"،8 فبراير2006 ).

وفي الهند عرض حاكم ولاية أوتار براديش يعقوب قريش عشرة ملايين دولار لمن يقتل الرسامين الدنماركيين(العربية نت 20 فبراير 2006). وعرض شيوخ من باكستان مليون دولار لكل من يقتل واحد من الرسامين. وحتى في قلب الغرب خرجت مظاهرة صاخبة نظمها "حزب التحرير الإسلامي في لندن" رافعة شعارات تقول "أقتلوا من يستهزئ بالإسلام"، "إذبحوا الذين يسيئون للنبي"، "أبيدو الكفرة". وقال عزام التميمي مدير المعهد الإسلامي بلندن لقناة الجزيرة في برنامج أكثر من رأي "أحنا كدها... مش بتوع محبة.. اللي هيقرب من نبينا هنعمل كدها وأكثر من كدها"(قناة الجزيرة ،برنامج أكثر من رأي). وتم أحراق الأعلام الأمريكية والإسرائيلية والدنماركية والنروجية في أغلب الدول الإسلامية.

وطبعا لم تسلم الصحافة التي أعادت نشر الرسوم أو تعاطفت مع حرية التعبير من الأذي، فتم أغلاق صحيفة ساراواك الماليزية، وأغلقت صحيفتان في اليمن ووضع رؤساء التحرير تحت المراقبة، وتم إيقاف صحيفة شمس السعودية، وتم فصل جهاد الموني رئيس تحرير شيحان الأردنية وبعد ذلك حبسه، وأقال رامي لكح صاحب صحيفة فرانس سوار مدير تحريرها. وأشارت منظمة "صحفيون بلا حدود" "إلى أن ردود الفعل على الرسوم الدنماركية تشير إلى تدهور خطير في حرية الصحافة".

في 12 سبتمبر 2006 القي البابا بنديكت محاضرة فلسفية عمية في أحدي الجامعات الألمانية عن العلاقة بين "الإيمان والعقل"، أقتبس خلال محاضرته إشارات سلبية عن نبي الإسلام قالها الامبراطور مانويل الثاني باليلوجوس في القرن الرابع عشر. وقد تأسف البابا ثلاث مرات على هذا الأقتباس والألام التي تسبب فيها للمؤمنين المسلمين وقال بوضوح أن هذا الاقتباس لا يعبر عن وجهة نظره.

ولكن ردود الفعل كالمعتاد من المتطرفين المسلمين تأتي دائما خالية من العقل ومصحوبة بالعنف اللفظي والفعلي، فهم عاجزون عن أى حوار عقلانى. ففي قطاع غزة والضفة الغربية تم الهجوم على خمس كنائس وأصابوها بأضرار، وفي شمال الضفة الغربية تم الهجوم على كنيستين في طولكرم وطوباس. وقتلت راهبة إيطالية في مستشفي في العاصمة الصومالية مقديشو. وفي نيجيريا أحرقت حشود من المسلمين يوم 22 سبتمبر11 كنيسة في عاصمة ولاية جيجا وأشعلوا النيران في عشرات من المنازل والمتاجر المملوكة للمسيحيين وتعرض بيت الأسقف للنهب بحجة أن امرأة مسيحية أساءت للرسول تزامنا مع تصريحات البابا(رويترز، 21 سبتمبر2006). وفي غزة هددت جماعة "جيش المهدي" باستهداف المسيحيين والتي وصفتهم بالصليبيين إذا لم يعتذر البابا. وأقر البرلمان الباكستاني قرارا بالإجماع يطالب البابا بسحب تصريحاته ،ووصفت وزارة الخارجية الباكستانية البابا بالجهل. وأعتبر رجل الدين الإيراني وعضو مجلس الخبراء أحمد خاتمي أن تصريحات البابا تعبر عن "خفة عقل" وقال من المؤسف أن يكون زعيم المسيحيين بهذا الجهل وقلة الأدب، وطالب أحمد خاتمي البابا أن يعتذر وهو جاثيا على ركبتيه(الجزيرة نت،15 سبتمبر 2006). وقال يوسف القرضاوي لقناة الجزيرة "لا يمكن السكوت على أذي تصريحات البابا"، ويوم 21 سبتمبر 2006 ظهر على الجزيرة مرة أخرى ولكن هذه المرة محرضا المسلمين على قتل كل من يسئ للرسول وقال " إن الإنسان إذا شتم أبوه أو أمه تملكه الغضب وبادر بالرد وقد يقتل الشاتم، فما أدراك إذا كان الشتم موجها إلى دينه ونبيه"(قناة الجزيرة ،21 سبتمبر 2006). وقال مرشد الثورة الإيرانية على خامينئي "كلام البابا حلقة أخيرة من سلسلة الحروب الصليبية في إطار مؤامراة أمريكية إسرائيلية". وقال شيخ الأزهر المصري "لقد سكت البابا دهرا ونطق كفرا". ووصف رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان تصريحات البابا "بالقبيحة". وكتب الأمين العام لاتحاد العلماء المسلمين محمد سليم العوا مقال بتاريخ 18 سبتمبر 2006 بجريدة الأسبوع وصف فيه البابا "بالأبله والكذاب.. وأن ما قاله البابا لا يقل سفاهة وسوء أدب عن الرسوم الدنماركية.. وأنه كذب لا يليق بذي عقل فضلا عن صاحب دين".(جريدة الأسبوع، 18 سبتمبر 2006) وفي جريدة الوفد بتاريخ 28 سبتمبر 2006 وصف محمد سليم العوا البابا ايضا "بالمجرم والسفيه". وفي جاكرتا خرجت جماعة إسلامية اندونيسية متطرفة بمظاهرة رفعت لافتات تقول "أصلبوا البابا"، "الفاتيكان محور الشر"، "النبي عظيم والبابا صغير وحقير"(وكالة الأنباءالفرنسية، 18 سبتمبر 2006). وفي بريطانيا خرجت مظاهرة إسلامية ترفع شعارات "الإسلام سوف يجتاح روما"، "المسيح هو عبد الله"(بي بي سي ،18 سبتمبر 2006).
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس