عرض مشاركة مفردة
  #12  
قديم 01-11-2006
الصورة الرمزية لـ makakola
makakola makakola غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 6,270
makakola is on a distinguished road
الثانية: فئة المصلحين

المصلحون يعرفون طريقهم وهو تحديث الاسلام، ففي حين يصنف التجمليين على انهم اصوليين، فان المصلحين يصنفون تحديثيين.

هؤلاء المصلحون يخضعون النص الديني والتراث للعلم والعقل وينطبق عليهم قول ابو العلاء المعري: كذب الظن، لا امام سوي العقل.

فاذا تعارض التاريخ مع النص الديني ينتصرون للتاريخ الحقيقي كما فعل طه حسين في كتابه الجدلى "في الشعر الجاهلي"، واذا تعارض النص مع العقل يفسرون النص لصالح العلم والعقل كما كان يدعو بن رشد. هؤلاء المصلحون مخلصون فعلا في اصلاح الاسلام، ولا يرون طريقا لذلك الا من خلال تحديثه وفصل الدينى عن السياسي والروحى عن الزمنى والعام عن الخاص. يؤمن المصلحون بالفصل التام بين الدين والسياسة ومن هذا المنظور يرون الاسلام دين فقط وليس دينا ودولة ،وان الشريعة نظام قيمى وليست نظاما قانونيا بمعنى اوضح ان الدولة تخضع للقانون الوضعى المناسب للبشر. ومن هذا المنطلق يقول الاصلاحيون ان مواثيق حقوق الانسان لها الاولوية على الشريعة فى التطبيق سواء تطابقت او لم تتطابق معها. من هؤلاء المصلحين المعتزلة وبن رشد وعلى عبد الرازق وطه حسين...الخ، وهم يمثلون قلة نادرة طوال التاريخ الاسلامي وتعرضوا لاضطهادات مريرة وتم اجهاض مشروعاتهم الاصلاحية، ومن ثم يشكل اتباعهم قلة في الدول الاسلامية. ويمكن تلخيص دعوة الاصلاحيين فى ما قراته للباحث الاسلامي المقيم فى امريكا احمد محمد الذي يدعو الى "اسلام جديد يواكب روح وثقافة واخلاقيات العصر ، وهو اسلام ديني وليس دنيوي ، لاهوتي وليس سياسي ، تسامحي وليس انتقامي ، تعاوني وليس تنافسي ، سلمي وليس عدواني ، عقلاني وليس ارهابي ، روحي وليس مادي ، تبليغي وليس اكراهي ".

المؤسف ان مشروع هؤلاء المصلحين الشجعان في تحديث الاسلام قد اجهض تاريخيا ومتعثر حاليا.

الفئة الثالثة: فئة العلمانيين الراديكاليين

وهذه الفئة اكتشفت ان اصلاح المشروع الاسلامى صعب جدا وربما مستحيل، وقد تعمق هؤلاء في دارسة التاريخ والتراث والنص الاسلامي ووصلوا لنفس القناعة التى كتبها د. جلال امين فى جريدة الحياة فى مقولته الخطيرة " ان اصلاح الاسلام معناه نهايته". الراديكاليون كتبوا مئات الكتب تشرح النص الديني والتراث الاسلامي وتظهر عيوبه وتناقضاته وعنفه، وبعض هؤلاء كان اصوليا وبعضهم كان ماركسيا ولكن يجمعهم انهم جميعا مسلمون يسعون لنقد الاسلام من داخله، وبعضهم يعمل باخلاص لاصلاح التراث ولكن في محاولته لذلك اظهر عيوب التراث فبدا انه يهدم الاسلام ولا يصلحه.

وفي حين ان فئة المصلحين هي نادرة ومحاصرة ومضطهدة، فان كتابات فئة الراديكاليين صودرت او تم منع اعادة طبع معظمها فى الدول الاسلامية.ويظل التيار الرئيسى الذى يسيطر على الشارع الاسلامى فى يد شيوخ التطرف وكتابات المتطرفين.


ثانيا: الحيرة حول تصنيف الاسلام كدين ودولة:

من المعروف ان نبي الاسلام استمر في دعوته الدينية الخالصة لمدة ثلاثة عشر سنة في مكة، ولكن بعد هجرته للمدينة اسس دولة، وكان قائد ومؤسس للدولة وفي نفس الوقت نبي للاسلام. ونبي الاسلام محمد بصفته مؤسسا لدولة يصنف من القادة السياسيين الكبار في التاريخ. ولكن دولة النبي مثل اي دولة قامت واستمرت على قواعد السياسة، ولا تختلف دولة الرسول والخلفاء الراشدين عن اي دولة اخرى في التاريخ ينطبق عليها ما ينطبق على الدول الاخرى في التاريخ في تقييمها ونقدها وتشريحها.

ولكن اصرار قادة المسلمين على ان الاسلام دين ودولة، ومن ثم تجريم الاقتراب من دولة الرسول، والدولة الاسلامية من بعده( من دولة الرسول الى دولة طالبان) بمعايير وادوات التحليل والنقد العلمي التاريخي يصعب مهمة الباحثين، لانهم يتهمون بنقد الاسلام والهجوم عليه في حين انهم يتناولون الدولة الاسلامية وليس الدين الاسلامي، فلا يوجد باحث سياسى او تاريخى يقترب من الدين كمعتقد باعتباره علاقة حرة اختيارية بين الانسان وربه، ولكن الارهاب المسلط على كل من يقترب من تناول الدولة الاسلامية يضع الغرب في حيرة وارتباك ، حيث ان الحضارة الغربية قامت على تفكيك المقدس وحصره فقط في العلاقة الشخصية بين الرب والعبد اما ما عدا لذلك فهو قابل للنقد والتشريح.

والغريب والعجيب ان من يستخدم امهات الكتب الاسلامية فى نقد الدولة الاسلامية تاريخيا ،وهي المليئة بالتفاصيل المرعبة حول ممارسات الدولة الاسلامية، يتعرض للارهاب وهذا وضع غير مقبول في مجتمعات تقدس الحرية ودشنت هذه الحرية بدماء ابنائها.

دمج المسلمين للدين والدولة يحمل الدين اخطاء الدولة ويضر بشدة بصورة الدين، وترهيب المتطرفين لكل من يقترب من الدولة الاسلامية يوحى وكان اخطاء الدولة هى توابع للنص الدينى ويوحى بان النص الدينى لم يستغل وانماجاء وسخر لخدمة الدولة .
__________________
لم اكتم عدلك في وسط قلبي تكلمت بامانتك وخلاصك لم اخف رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة اما انت يا رب فلا تمنع رأفتك عني تنصرني رحمتك وحقك دائما
الرد مع إقتباس