عرض مشاركة مفردة
  #31  
قديم 26-12-2004
Peace4All Peace4All غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 1,081
Peace4All is on a distinguished road
يقولُ : "ودلّتِ الآياتُ صريحاً على أنَّ اللهَ سبحانَهُ يُعيدُ هذا الجسَدَ بعينِهِ الذي أطاعَ وعصى فينعِّمُهُ ويعذّبُهُ ، كما ينعمُ الروحَ التي آمنتْ بعينِها ، ويعذّبُ التي كفرتْ بعينِها ، لا أنَّهُ سبحانَهُ يخلقُ روحاً أخرى غيرَ هذهِ فينعمُها ويعذّبُها كما قالَهُ مَنْ لمْ يعرفِ المَعادَ الذي أخبرتْ بهِ الرسلُ ، حيثُ زعَمَ أنَّ اللهَ سبحانَهُ يخلقُ بدناً غيرَ هذا البدنِ منْ كلّ وجهٍ ، عليهِ يقعُ النعيمُ والعذابُ ، والروحُ عندَهُ عرَضٌ من أعراضِ هذا البدنِ فيخلُقُ روحاً غيرَ هذهِ الروحِ وبدناً غيرَ هذا البدنِ ، وهذا غيرُ ما اتفقتْ عليْهِ الرسلُ ودلَّ عليْهِ القرآنُ والسنةُ وسائرُ كتبِ اللهِ تعالى ، وهذا في الحقيقةِ إنكارٌ للمعادِ وموافقةٌ لمن أنكرَهُ منَ المكذّبينَ ، فإنّهم لم ينكروا قدرةَ اللهِ على خلقِ أجسامٍ غيرِ هذهِ يعذّبُها وينعمُها . فتعجبوا أنْ يكونوا همْ بأعيانِهم مبعوثينَ للجزاءِ ، ولوْ كانَ الجزاءُ هوَ لأجسامٍ غيرِ هذهِ لمْ يكنْ ذلكَ رجعاً ولا بعثاً بلْ يكونُ ابتداءً ، ولمْ يكن لقولِهِ : "قدْ علمنا ما تنقصُ الأرضُ منهم" كبيرُ معنىً فإنَّهُ سبحانَهُ جعلَ هذا جواباً لسؤالٍ مقدَّرٍ وهوَ أنَّهُ يميّزُ تلكَ الأجزاءَ التي اختلطتْ بالأرضِ واستحالتْ إلى العناصرِ بحيثُ لا تتميّزُ ، فأخبرَ سبحانَهُ أنّهُ قدْ علمَ ما تُنقصُهُ الأرضُ منْ لحومِهم وعظامِهم وأشعارِهم ، وأنَّهُ كما هوَ عالمٌ بتلكَ الأجزاءِ فهوَ قادرٌ على تحصيلِها وجمعِها وتأليفِها خلقاً جديداً" .. [ من كتاب "الفوائد" لابن القيّمِ الجوزيّةِ ، منشورات مكتبة المتنبي بالقاهرة ، ص7 - ص9] .

وبعدَ قراءةِ أقوالِ العالمِ ابنِ القيِّمِ ، رحمَهُ اللهُ تعالى ، يظهرُ لنا كيفَ أنَّ الشيخَ الراحلَ "محمد متولّي الشعراوي" قدْ ردَّ حجةَ منكري البعثِ بما ينكرُ البعثَ ؛ لأنَّ كلامَهُ بالبعثِ وَفقَ النسبِ يعني أنَّ الله تعالى يخلقُ بدناً غيرَ هذا البدن ، ويظهرُ لنا أيضاً كيفَ أنَّ رأيَهُ كانَ مخالفاً لصريحِ القرآنِ الكريمِ ، ولصحيحِ السنةِ ، ولما جاءتْ بهِ جميعُ الرسلِ ، ولما جاءَ في سائرِ كتبِ اللهِ تعالى .

وأسألُ : لماذا لمْ يكنِ الشعراويُّ يرى أنَّ اللهَ تعالى قادرٌ على أنْ يبعثَ الميّتَ منَ الذراتِ التي ماتَ وهيَ في تركيبِ وتكوينِ جسمِهِ ؟ .. كيفَ علمَ أنَّ ذرّاتٍ بعينِها وأنفُسِها كانتْ في تركيبِ جسمِ "فلان" حينما ماتَ ، ثمَّ كانتْ هيَ هيَ بعينِها وذاتِها في تركيبِ جسمِ "علان" حينما ماتَ هوَ الآخرُ ؟ ..

حسناً ، وإنْ كنتُ شخصيّاً لا أريدُ تكفيرَ الشعراويِّ بما صدرَ عنهُ منْ أشعةِ الكافرينَ ؛ لأنّني – صدقاً - لا أتمنّى أنْ يكونَ قدْ ماتَ كافراً ، إلّا أنني أريدُ أنْ أستفتيَ "الأزهر" عنْ رأيِهِ في المسألةِ ، ليعرفَ أنصارُ الشعراويِّ مصيرَ صاحبِهم وفقَ رؤيةِ الأزهرِ نفسِهِ ، راجياً منهم أن لا يتخّذوا "ابنَ القيّمِ" عدوّاً ، وعمّا إذا كانوا لا يختلفونَ معيَ ، وأنْ أدعوَ "فضيلةَ الطنطاويِّ" شيخَهُ الأكبرَ أنْ يقومَ بتنبيهِ المسلمينَ إلى عدمِ الأخذِ برأيِ والدِ زوجتِهِ ؛ لأنَّهُ منكَرٌ يجبُ تغييرُهُ واجتثاثُهُ من الكتبِ والعقولِ . والأسئلةُ الموجهةُ إلى "الأزهر" هيَ باختصارٍ : هلْ ماتَ الشيخُ الشعراويُّ كافراً بالبعثِ الذي أجمعتْ عليْهِ كتبُ اللهِ تعالى ورسُلُهُ ؟ .. أمْ إنَّهُ كانَ قدْ تراجـعَ عنْ تلـكَ الأقوالِ ؟.. فأينَ نجدُ هذا التراجـعَ على فرضِ حصولِهِ ؟

ولقدْ قيلَ في المثلِ : "وعندَ جهينةَ الخبرُ اليقينُ" .

وعلى كلِّ حالٍ ، قدْ يستثقلُ الناسُ تكفيرَ شيخٍ وُصفَ منْ قِبَلِ السفهاءِ زوراً بأنَّهُ "إمامُ الدُّعاةِ" ، ولكنْ لا أحدَ يمكنُهُ أنْ ينكرَ أنَّ "محمد متولّي الشعراوي" قدْ تركَ أفكاراً كافرةً !..

عطية زاهدة – الخليل – فلسطين
الرد مع إقتباس