عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 18-01-2004
Mike1 Mike1 غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Nov 2003
الإقامة: sweden
المشاركات: 341
Mike1 is on a distinguished road
وقعت الفتوى علينا كأنها برد وسلام, لكن الاعتراضات جاءتها من كل مكان في النرويج, وغضب صديق لي لأن دار الافتاء تحاول تسهيل الصوم, وصاحبي يؤمن بأن المشقة هي الطريق إلى الجنة حتى أنه شكك في أن رسول الله, صلى الله عليه وسلم, ما خير بين أمرين إلا أختار أيسرهما!
والتزمتُ بالفتوى رغم الثورة الهائجة, وجاءني أحدهم بانذار أن المسلمين يتربصون بي, وأن قتلي أصبح حتميا لأنني قمت باعادة طبع الفتوى وتوزيعها وهي, على حد قولهم, تسقط فريضة الصوم.
في شهر ديسمبر عام خمسة وثمانين كنت في مكة المكرمة بدعوة كريمة من الدكتور عبد الله عمر نصيف أمين عام رابطة العالم الاسلامي, سابقا, وذلك بمناسبة المؤتمر العالمي للمساجد.
وكان لي لقاءات وحوارات وتعارف دافيء وجيد بعدد من العلماء منهم الشيخ عبد العزيز بن بارز والشيخ جاد الحق علي جاد الحق شيخ الأزهر, رحمهما الله, وروجيه جارودي وغيرهم.
في لقاء ودي ومطول مع فضيلة الامام الأكبر شيخ الجامع الأزهر قال لي, رحمه الله: لقد أصدرت بنفسي الفتوى ومعي عشرة من علماء المسلمين في دار الافتاء, ونحن مسؤولون أمام الله, وأردنا فقط تيسير أمر الصيام عليكم في النرويج.
وقصصت على فضيلته الصراع الاسلامي آنئذ بين دعاة الغلظة والمشقة, وبين المؤمنين بأن الاسلام دين يسر.
الآن وبعد عقدين من الزمان اختفت الفتوى لأنها ميسرة, وعاد المسلمون إلى الاختيار الشاق في الصيف أو الأقرب إلى ربع صيام إن توافق شهر رمضان مع فصل الشتاء.
لكن عالم الفتاوى له الآن أباطرته وتجاره, وكل من يستطيع أن يقرأ كتابا عن الأعشاب أو وصف الحور العين في الجنة أو عن عذاب القبر, ويطلق لحيته الطالبانية يستطيع أن يصبح نجما فضائيا يتفوق على وائل الكفوري وايهاب توفيق وحتى نجوى كرم!
عشرات الآلاف من الأسئلة الحمقاء والفتاوى البلهاء عن عذاب القبر تصيب المسلم العفيف بالغثيان, وكلها تناهض وتعارض وتتحدى كلمة الفصل في كتاب الله العزيز (وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه, ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا).
ماذا يريد المسلمون من رب العزة أكثر وضوحا وجلاء ومباشرة من هذه الآية الكريمة؟
كيف يظن المسلم أن هناك حسابا قبل الحساب, وأن عذاب القبر قد يمتد لمئات الالاف من السنين قبل يوم الحشر, ثم يبدأ حساب الآخرة؟
أهو هزل أم سخرية أو تهكم من الدين أم تطاول وقح على عدالة السماء؟
ماذا سيفعل السيد المحترم الثعبان الأقرع في القبر أو في جوف سمك القرش أو في حمم بركان ليلسع الكافر, أو يدس نابه السام في عظامه أو بقاياها؟
ماذا حدث للمسلمين؟
كانت هناك صحيفة اسمها ( المسلمون ) تصدر بالمملكة العربية السعودية, وتتبنى كل الفتاوى الفجة والساقطة, وقد كتبنا عنها مرارا وتكرارا, وتفضلت السلطات السعودية, مشكورة, بايقافها بعد أن ضاقت على المسلمين كل سبل الحياة بسبب الفتاوى الخانقة والمقيدة والمكبلة للسائل والقاريء معا.
الفتاوى هي بداية الطريق لصناعة الأمة المستعبدة, وانهاء حرية الاختيار, وتسميم العقل, إن كان لا يزال موجودا, وهي رأس الإرهاب, وقمة الاسترقاق باسم الدين.
ليس في الاسلام الحنيف فتوى ملزمة ولو أصدرها شيخ الأزهر أو مفتي الديار المصرية أو السعودية أو المغربية أو الباكستانية أو حتى جمعية الدعوة الاسلامية بطرابلس الغرب ( مع افتراض أن العقيد لم يرهن أصولها المادية لدفع تعويضات ضحايا الفاتح العظيم ).
هناك رأي يحترم العقل والاختيار والحرية والمنطق وأصول العلوم, فإذا وافقها فهو من الاسلام, وإذا خالفها فينبغي أن يتصدى له المسلم أو يعارضه أو ينتقده أو يفنده.
عبقرية الاسلام في حرية الاختيار, وفي رفع القداسة عن الفقهاء والعلماء والسلاطين, لكن الدعوة إلى الاحترام والتقدير من صلب العقيدة الاسلامية.
ألم يتخبط العلماء والفقهاء تحت ضغوطات السلطة المستبدة فجاءت الفتاوى كحارس سجن رأسه زبيبة؟
هل يستطيع أي مفتي في العالم الاسلامي أن يصدر فتوى ملزمة بحرمة الاعتقال العشوائي, والتعذيب في السجون, وتزوير الانتخابات, وقانون الطواريء, والمحاكم العسكرية, وتوريث السلطة للابن رغم رفض الشعب, والمساواة الكاملة بين المواطنين رغم اختلافاتهم العقيدية والمذهبية؟
سقوط امبراطورية الفتوى سيفك قيود المسلمين ويحررهم ويعيد للعقل احترامه وبهاءه وتقديره, ويجب أن نستبدل بكلمة الفتوي ( الرأي الفقهي), وننزع القداسة عنه ويظل الاحترام توقيرا لكل علمائنا الأجلاء.
أيها المسلمون: تمردوا, وانتفضوا, واعترضوا, وارفضوا, فهذا هو الطريق الوحيد لفهم طبيعة الاسلام.
والبداية تبدأ من الثورة على العالم السفلي للفتاوى الفجة.


--------------------------------------------------------------------------------

الرجوع الى الصفحة الرئيسية

Copyright © 2003 مجله طائر الشمال
جميع المقالات المنشورة في هذه الصفحة تعبر
عن رأي محمد عبد المجيد الناشر رئيس التحرير ما لم يذيل المقال باسم كاتب آخر.
أما الأخبار الأخرى العربية والدولية والنرويجية فتنسب إلى مصادرها الرئيسية
الرد مع إقتباس