عرض مشاركة مفردة
  #2  
قديم 16-12-2008
الصورة الرمزية لـ ABDELMESSIH67
ABDELMESSIH67 ABDELMESSIH67 غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 3,949
ABDELMESSIH67 is on a distinguished road
مشاركة: هل سيبقى الآخر قاتلا و قتيلا


مسيحية المسيح. "القريب" لم يعد العشيرة القريبة ولا المؤمن بل غدا جميع الناس بمن فيهم العدو. خطبة الجبل أو "عظة الجبل" تمثل عن جدارة أول إعلان عالمي لحقوق الإنسان منذ ألفي عام "تعلمتم، قال السيد المسيح، "أحبب قريبك واكره عدوك" وأنا أقول "أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم، واعملوا المعروف مع من يكرهونكم، صلّوا من أجل من يسيئون إليكم ويضطهدونكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي هو في السموات؛ لأنه يجعل شمسه تشرق على الأشرار والأخيار، وينزل مطره على العادلين والظالمين". كلمات يسوع المضيئة هذه جديرة بأن يتعلمها النشء مهما كان دينه منذ نعومة أظفاره لينس الرد على الحقد بالحقد وعلى الثأر بالثأر وعلى السيئة بمثلها. وهي ردود فعل ضد الآخر "المنافس والعدو" مبرمجة في أدمغتنا منذ 2,5 مليون عام؛ بل ربما منذ ليل التاريخ، منذ كنا قرودا نعيش في قطعان بدائية تمارس البطش وتكابده في آن. لكن هل قسوة الإنسان على الإنسان الآخر، وقتل الإنسان للإنسان الآخر وقتل الإنسان للحيوان الآخر، وتدمير الإنسان للطبيعة الأخرى والاستهتار بحقوق أجيال المستقبل قدر مَقدور علينا إلى الأبد الأبيد؟ في السيناريو المتفائل: لا. أكيد، دماغنا مبرمج لارتكاب هذه الجرائم ولم يقصّر في ارتكابها على مر العصور. لكن علوم الأعصاب والسايكولوجيا التطورية تقدم لنا بشارة ثمينة: هذا الدماغ قابل لإعادة البرمجة بالتعليم والإعلام. دماغ الحيوان يولد مبرمجا فيمشي الحيوان الوليد غالبا فور ولادته. أما دماغ الإنسان فيولد بكرا إذن قابلا لإعادة البرمجة، لإعادة التأهيل، للتشبع بقيم جديدة تزرع فيه حب الآخر: "احبو أعدائكم وباركوا لاعنيكم، صلوا من أجلهم". أعيدوا برمجة أدمغة الصغار – وهم على مقاعد الدراسة - ، أعيدوا تشكيل نظرتهم للآخر؛ جددوا في العمق رؤاهم للآخر، للفرد، علموهم إلقاء نظرة جديدة على الماضي ونظرة واقعية على الحاضر ونظرة متفائلة على المستقبل، علموهم المغامرة بارتياد ثنايا الفكر الواعدة ليتشجعوا على ارتياد آفاق أخرى ممكنة تغير رؤيا الأجيال الطالعة للآخر. رهان البشرية المعاصرة هو التعليم. تعليم يعلّم النشء الفكر النقدي الذي يستدعي جميع الادعاءات للمثول أمام محكمة العقل، يعلمه أن يكون حرا ومسؤولا، مستقلا في تفكيره ونمط حياته وفي الوقت ذاته متضامنا مع البشرية المتألمة حيث كانت، ومحترما للآخر بما هو آخر، يؤمن إيمانا مختلفا عنا ويفكر تفكيرا مغايرا لتفكيرنا ويقوم بتصرفات لا ترضينا دائما، في أرض الإسلام حيث تسود نرجسية جمعية دينية هاذية لا ترضى بأقل من إدخال البشرية كلها في الإسلام طوعا أو كرها، لم نتعلم بعد احترام الآخر بما هو فعلا آخر، أي كما يقدم نفسه لا كما نريد نحن أن يكون على صورتنا التي يخيّل لنا الهذيان النرجسي الديني أنها أحسن صورة ممكنة. ضرورة تعليم وإعلام يصححان هذا التصور للآخر وللذات هي اليوم ملحة. في مدارسنا بل وأيضا في رياض أطفالنا نُعلّم الأطفال الجهاد والاستشهاد وكراهية النساء والكفار والمتغربين والمتفرنسين والعَلمانيين. ماذا أقول؟ بل حتى كراهية الأم التي لا تحمل الحجاب والنقاب والأب الذي لا يرتدي الجلباب الأفغاني الأبيض كالكفن. واليكم: "هذه القصة التي تناولت موضوع الحضانة كمثال: للمؤسسات التي تدعو لهذا الفكر (السلفي). عندي مثال حي لاستدلال عليها. كنت جالسا... وإذا بتليفون المنزل يرن فأخذت السماعة وقبل أن أتكلم وجدت شقيقيتي تقول وبسرعة: إن أبنتي قالت لي إن التلفزيون حرام، كما سألتني لماذا لا تلبسين نقابا؟ ولماذا أبي ليس له لحية كبيرة؟ ولماذا لا يلبس جلبابا قصيرا..؟ وأسئلة كثيرة تعلمتها في الحضانة التي كنا نعتقد أنها ستعلم ابنتي القراءة والكتابة فقط. ولكن قبل أن تتعلم القراءة والكتابة تعلمت كيف تكفر كل شيء حولها. وكيف تريد أن تحول كل من حولها إلى النموذج الذي شاهدته في الحضانة ورسخ في ذهنها. وبالتالي سيظهر كل من حولها أنهم على خطأ.... كيف أتصرف؟ بصراحة.. أجبتها: لا ترسلي ابنتك إلى تلك الحضانة بعد اليوم لأنها الشهر القادم من الممكن أن تكفرك أنت ووالدها.." (رضا عبد الرحمن علي: نشر الفكر السلفي يبدأ من الروض، اليومية "الأحداث المغربية).
يحدث هذا في مصر المسلمة. أما في بريطانيا الكافرة فيتعلم الطفل كراهية جميع أشكال العنف ، وتعيد المدرسة صياغة شعوره ولا شعوره باحترام الآخر بإطيقا الضيافة. الآخر المعاصر هو الإنسان والحيوان والطبيعة والأجيال المقبلة. عدم انتهاك حقوق هذا الآخر وعدم السكوت عن انتهاكها هو ما يجب أن تقدمه المؤسستان المدرسية والإعلامية - وفي حدود الإمكان الدينية – لمعاصرينا. من الضروري تدريس مبادئ التنمية المستدامة التي تضمن حقوق الآخر، أي أجيال المستقبل في كوكب تطيب فيه الحياة، وتدريس اللاعنف وفوائد نزع أسلحة الدمار الشامل وتحريم امتلاكها ونزع السلاح تدريجيا بقدر ما تقوم مؤسسات دولية وعالمية تتكفل بضمان حقوق جميع الدول والشعوب والتآخي مع المؤمنين بجميع الأديان بما فيها الوثنية التي يؤمن بها 56% من ساكنة الكوكب، ووضع الذات موضع الآخر كوسيلة مثالية للتخلص من الجمود الذهني الذي جعلنا لا نتفاوض إلا مع أنفسنا ولا ندخل في أي حوار سوى حوار الطرشان، حتى حوار الأديان الجاري رسم له ملك السعودية هدفا "هو مقاومة الإلحاد في العالم"! دائما لا نعرّف أنفسنا إلا تعريفا سالبا ضد الآخر.

أعلن أمس (11/ 12/ 2008) جلالة ملك المغرب محمد السادس "عن سحب المملكة المغربية للتحفظات المسجلة بشأن الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة" التي سجلتها الدول العربية التي قبلتها متحفظة على المساواة في الإرث وغيرها من التمييزات الشرعية ضد المرأة. تحديث هذه الذهنية الإسلامية العتيقة يمكن أن يتحقق خلال جيل واحد بتدريس هذه الاتفاقية في الإعدادي والثانوي وكذلك الاتفاقية الدولية لحماية حقوق الأقليات والـ 31 مادة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان - كما تفعل تونس والمغرب - هذه المواثيق احتوت على المبادئ الأساسية لقيم الفلسفة الإنسانية التي قامت عليها الحضارة الحديثة والتي من دونها نعود إلى الشريعة؛ شريعة الغاب.
تواجه البشرية المعاصرة تحديات في مقدمتها تحدي النكوص الى الهمجية على طريق صوْملة الإرهاب الإسلامي للعالم الإسلامي وربما للعالم؛ أو عن طريق حرب عالمية نووية ثالثة تجد البشرية نفسها واقفة أمامها سنة 2014 عندما يتضاعف عدد الدول النووية؛ أو كارثة ايكولوجية سنة 2029 عندما تصاب الطبيعة بدمار لا إصلاح له.
إذا لم نتعلم احترام الآخر: الإنسان، الحيوان والطبيعة وأجيال المستقبل فسنقف في مستقبل منظور على شفير الهاوية وفي الساعة الخامسة والعشرين: عندما يصبح كل إنقاذ ضربا من المحال!

]
__________________
فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ مَذْبَحٌ لِلرَّبِّ فِي وَسَطِ أَرْضِ مِصْرَ وَعَمُودٌ لِلرَّبِّ عِنْدَ تُخُمِهَا. فَيَكُونُ عَلاَمَةً وَشَهَادَةً لِرَبِّ الْجُنُودِ فِي أَرْضِ مِصْرَ. لأَنَّهُمْ يَصْرُخُونَ إِلَى الرَّبِّ بِسَبَبِ الْمُضَايِقِينَ فَيُرْسِلُ لَهُمْ مُخَلِّصاً وَمُحَامِياً وَيُنْقِذُهُمْ. فَيُعْرَفُ الرَّبُّ فِي مِصْرَ وَيَعْرِفُ الْمِصْريُّونَ الرَّبَّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَيُقَدِّمُونَ ذَبِيحَةً وتقدمه وَيَنْذُرُونَ لِلرَّبِّ نَذْراً وَيُوفُونَ بِهِ. وَيَضْرِبُ الرَّبُّ مِصْرَ ضَارِباً فَشَافِياً فَيَرْجِعُونَ إِلَى الرَّبِّ فَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ وَيَشْفِيهِمْ. «فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ تَكُونُ سِكَّةٌ مِنْ مِصْرَ إِلَى أَشُّورَ فَيَجِيءُ الآشوريون إِلَى مِصْرَ وَالْمِصْرِيُّونَ إِلَى أَشُّورَ وَيَعْبُدُ الْمِصْرِيُّونَ مَعَ الآشوريين. فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ إِسْرَائِيلُ ثُلْثاً لِمِصْرَ وَلأَشُّورَ بَرَكَةً فِي الأَرْضِ بِهَا يُبَارِكُ رَبُّ الْجُنُودِ قَائِلاً: مُبَارَكٌ شَعْبِي مِصْرُ وَعَمَلُ يَدَيَّ أَشُّورُ وَمِيرَاثِي إِسْرَائِيلُ».
www.copts.net
الرد مع إقتباس