عرض مشاركة مفردة
  #45  
قديم 18-05-2004
da3eef da3eef غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2003
المشاركات: 8
da3eef is on a distinguished road
من هو الأسير !!

جاء في الموسوعة الفقهية ، في تعريف الأسير : "بتتبّع استعمالات الفقهاء لهذا اللّفظ يتبيّن أنّهم يطلقونه على كلّ من يظفر بهم من المقاتلين ومن في حكمهم ، ويؤخذون أثناء الحرب أو في نهايتها ، أو من غير حربٍ فعليّةٍ ، ما دام العداء قائماً والحرب محتملةٌ " ..

أما حكمه فـ : الأسر مشروعٌ ، ويدلّ على مشروعيّته النّصوص الواردة في ذلك ، ومنها قول اللّه سبحانه "فإذا لقيتم الّذين كفروا فضرب الرّقاب حتّى إذا أثخنتموهم فشدّوا الوثاق ... " ولا يتنافى ذلك مع قول اللّه تعالى "ما كان لنبيٍّ أن يكون له أسرى حتّى يثخن في الأرض" لأنّها لم ترد في منع الأسر مطلقاً ، وإنّما جاءت في الحثّ على القتال ، وأنّه ما كان ينبغي أن يكون للمسلمين أسرى قبل الإثخان في الأرض ، أي المبالغة في قتل الكفّار .

في من يجوز أسره ومن لا يجوز :

يجوز أسر كلّ من وقع في يد المسلمين من الحربيّين [أي: أفراد الدولة المحاربة] ، صبيّاً كان أو شابّاً أو شيخاً أو امرأةً ، الأصحّاء منهم والمرضى ، إلاّ من لا يخشى من تركه ضررٌ وتعذّر نقله ، فإنّه لا يجوز أسره على تفصيلٍ بين المذاهب في ذلك .
فمذهب الحنفيّة والحنابلة ، وهو مقابل الأظهر عند الشّافعيّة : أنّه لا يؤسر من لا ضرر منهم ، ولا فائدة في أسرهم ، كالشّيخ الفاني والزّمن والأعمى والرّاهب إذا كانوا ممّن لا رأي لهم . ونصّ المالكيّة على أنّ كلّ من لا يقتل يجوز أسره ، إلاّ الرّاهب والرّاهبة إذا لم يكن لهما رأيٌ فإنّهما لا يؤسران ، وأمّا غيرهما من المعتوه والشّيخ الفاني والزّمن والأعمى فإنّهم وإن حرم قتلهم يجوز أسرهم ، ويجوز تركهم من غير قتلٍ ومن غير أسرٍ .
وذهب الشّافعيّة في الأظهر إلى أنّه يجوز أسر الجميع دون استثناءٍ .

أما ما يُفعل بالأسير:

فقد : نصّ الشّافعيّة والحنابلة على تخيير الإمام في الرّجال البالغين من أسرى الكفّار ، بين قتلهم ، أو استرقاقهم ، أو المنّ عليهم ، أو مفاداتهم بمالٍ أو نفسٍ .
أمّا الحنفيّة فقد قصروا التّخيير على ثلاثة أمور فقط : القتل ، والاسترقاق ، والمنّ عليهم بجعلهم أهل ذمّة على الجزية ، ولم يجيزوا المنّ عليهم دون قيد ، ولا الفداء بالمال إلاّ عند محمّد بن الحسن بالنّسبة للشّيخ الكبير ، أو إذا كان المسلمون بحاجة للمال . وأمّا مفاداتهم بأسرى المسلمين فموضع خلافٍ عندهم .
وذهب مالك إلى أن الإمام يخيّر في الأسرى بين خمسة أشياء : فإمّا أن يقتل ، وإمّا أن يسترقّ ، وإما أن يعتق ، وإمّا أن يأخذ فيه الفداء ، وإمّا أن يعقد عليه الذّمّة ويضرب عليه الجزية ، والإمام مقيّدٌ في اختياره بما يحقّق مصلحة الجماعة .. (الموسوعة الفقهية : مادة "أسرى")

وفيها : ذهب الجمهور من المالكيّة ، والشّافعيّة ، والحنابلة ، وصاحبا أبي حنيفة ، وهو إحدى الرّوايتين عن أبي حنيفة إلى جواز تبادل الأسرى ، مستدلّين بقول النّبيّ "أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكّوا العاني" وقوله "إنّ على المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم ، ويؤدّوا عن غارمهم" ، و "فادى النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجلين من المسلمين بالرّجل الّذي أخذه من بني عقيلٍ" . "وفادى بالمرأة الّتي استوهبها من سلمة بن الأكوع ناساً من المسلمين كانوا قد أسروا بمكّة" ولأنّ في المفاداة تخليص المسلم من عذاب الكفّار والفتنة في الدّين ، وإنقاذ المسلم أولى من إهلاك الكافر . (انتهى) ..

قال ابن تيمية رحمه الله (ج 28 من الفتاوى) "أوجبت الشريعة قتال الكفار ، ولم توجب قتل المقدور عليهم منهم ، بل إذا أسر الرجل منهم في القتال ، أو غير القتال ، مثل أن تلقيه السفينة إلينا ، أو يضل الطريق ، أو يؤخذ بحيلة ، فإنه يفعل فيه الإمام الأصلح : من قتله ، أو استعباده ، أو المن عليه ، أو مفاداته ، بمال أو نفس عند أكثر الفقهاء ، كما دل عليه الكتاب والسنة ، وإن كان من الفقهاء من يري المن عليه ومفاداته منسوخاً‏" . (انتهى كلامه رحمه الله) ..

قال صديق حسن خان في الروضة: ذهب الجمهور إلى أن الإمام يفعل ما هو الأحوط للاسلام والمسلمين في الأسارى فيقتل أو يأخذ الفداء أو يمن ..

وقال العلامة القاسمي في محاسن التأويل: وبالجملة فالذي عول عليه الأئمة المحققون رضى الله عنهم أن الأمير يخير بعد الظفر تخيير مصلحة لا شهوة في الأسرى المقاتلين بين قتل واسترقاق ومنّ وفداء ، ويجب عليه اختيار الأصلح للمسلمين لأنه يتصرف لهم على سبيل النظر فلم يجز له ترك ما فيه الحظ ، ثم قال فإن منهم (أي الأسرى) من له قوة ونكاية في المسلمين فقتله أصلح ، ومنهم الضعيف ذو المال الكثير ففداؤه أصلح ، ومنهم حسن الرأى في المسلمين يرجى إسلامه فالمن عليه أولى ومن ينتفع بخدمته ويؤمن شره فاسترقاته أصلح. وذكر ذلك في شرح الإقناع ..

وقال الشوكاني رحمه الله (والحاصل أن القرآن والسنة قاضيان بما ذهب إليه الجمهور فإنه قد وقع منه صلى الله عليه وسلم المن وأخذ الفداء كما في الأحاديث ، ووقع منه القتل ، فإنه قتل النضر بن الحرث وعقبه بن معبط وغيرهما ، ووقع منه فداء رجلين من المسلمين برجل من المشركين ، قال الترمذي بعد أن ساق حديث عمران بن حصين في فداء أسيرين من المسلمين "والعمل على هذا عن أكثر اهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن للامام أن يمن على من شاء من الأسارى ويقتل من شاء منهم ويفدى من شاء"
ويروى أنه قيل لاحمد "إذا أسر الاسير يقتل أو يفادى احب اليك ؟ قال إن قدر أن يفادى فليس به بأس وإن قتل فما أعلم به بأسا ..

إن الإمام مخيّر في الأسير ، وقادة المجاهدين اليوم هم أمراء المسلمين ، فهم يفعلون ما يرونه مناسباً مع هؤلاء الأسرى الصليبيين ، فأمرهم ماضٍ ، وحكمهم فيهم نافذ ، ومن تحدثه نفسه معارضتهم فعلتهم هذه : فليحمل سلاحه ، وليقصد الهيجا ، ولينصّب نفسه أميراً في الجهاد ثم إن أسر أسرى : يفعل بهم ما شاء ، ولا يعارضه في فعله أحد ، أمّا وهم الأمراء : فلا قول لأحد فيما يفعلون بعد أن أطلق الله لهم الأمر من فوق سبع سموات .
الرد مع إقتباس