لماذا لا يثور المصريون ..؟!
في يوم 21 مارس الماضي اندلاع المظاهرات المناهضة للحرب علي العراق كنت جالسا في مقهي الندوة الثقافية بباب اللوق مع مجموعة من الكتاب والصحفيين وفجأة انقض علينا نحو عشرة بلطجية ( من رجال الأمن ) يرتدون الملابس المدنية وفي يد كل منهم عصا غليظة أخذ يضرب بها علي رؤوس الجالسين بمنتهى القسوة .. وفي لحظات انكسرت زجاج المقهى وتعالت صيحات الاستغاثة وركضنا فارين جميعا وتمكن المخبرين من التضييق علي الشباب لا حول له ولا قوة وأخذوا يضربونه علي رأسه حتي سال دمه غزيا علي أرض الشارع وسقط مغشيا عليه بعدما انفتح في وجهه جرح كبير .. هذه الحادثة المروعة التي رأيتها بنفسي تكشف أن النظام في مصر إذا ما استشعر الخطر علي وجودة فلا نهاية لما يمكن أن يقدم علية من جرائم .. والحق أن سجل الحكومة المصري في انتهاكات حقوق الإنسان من أسوأ السجلات في العالم .. ففي مصر الآن 16 ألف معتقل .. وعدد الذين اعتقلوا منذ أن تولي الرئيس مبارك الحكم يزيد علي 100 ألف معتقل .. كثيرون منهم محتجزون بلا محاكمة منذ أكثر من عشرة أعوام .. كما أن تعذيب المتهمين السياسيين والجنائيين في مصر سياسة أمنية منتظمة في جميع أقسام الشرطة ومقار أمن الدولة .. ويكفي أن تبحث علي الإنترنت فتكتب كلمة مصر وكلمة تعذيب حتى تطلعك عشرات السجلات المرعبة لما يحدث للمواطنين العزل علي أيدي ضباط الشرطة .. ضرب وجلد وتعليق وهتك عرض وصعق بالكهرباء إلي أخر هذه الجرائم البشعة .. ولذلك فقد سعدت هذا الأسبوع بتأسيس جمعية جديدة أسمها الجمعية المصرية لمناهضة التعذيب .. مجموعة من المثقفين المصريين الوطنين قرروا أن يفعلوا شيئا لمنع تعذيب المواطنين بغض النظر عن الأسباب ..
شعور أنساني نبيل وهدف وطني عظيم يجب أن نعمل جميعا علي تحقيقه .. أتمني أن ينضم إلي هذه الجمعية كل الأدباء والكتاب والفنانين وأن تساعدها تجمعات المثقفين مثل اتحادات الكتاب والموسيقيين والسينمائيين والنقابات المهنية .. لن تكون المهمة سهلة فالحكومة لن تمتنع عن سياسة التعذيب ببساطة وسوف تتمسك بها إلي النهاية لأن التعذيب يساعد النظام علي إحكام قبضه علي السلطة والتنكيل بمعارضيه , كما أن كثير من ضباط المباحث لا يعرفون إلا التعذيب كوسيلة سهلة ومضمونة لانتزاع الاعتراف حتي ولو كانت كاذبة .. إن المثقفين في مصر قد يختلفون في الأفكار والتوجهات لكن قضية مثل منع التعذيب سوف تشكل الحد الأدنى المشترك الذي سوف يعمل الجميع علي تحقيقه .. تحية إلي الدكتورة عايدة سيف الدولة ورفاقها في الجمعية .. ونحن معكم حتي يحصل المواطن المصري على حقه في معاملة كريمة وآدمية
http://www.lamalef.net/news/02/aswany.htm