عرض مشاركة مفردة
  #39  
قديم 02-05-2009
morco morco غير متصل
Silver User
 
تاريخ التّسجيل: Sep 2008
المشاركات: 443
morco is on a distinguished road
مشاركة: برلمانيون مصريون يطالبون بإعدام 350 ألف خنزير

ما فضحه الوزير.. فى مسألة الخنازير

بقلم د. طارق الغزالى حرب ٢/ ٥/ ٢٠٠٩

فجأة وبدون مقدمات ظهرت هوجة جديدة فى العالم اسمها «أنفلونزا الخنازير»، هزت العالم كله كزلزال، وصل بلادنا المتخلفة بعض من توابعه.. وفجأة سمعنا التصريحات والتحليلات للسادة الوزراء والمحافظين بشأن دراسات وإجراءات عاجلة لمجابهة احتمال وصول المرض إلى بلادنا التعيسة..

فكلنا يذكر كيف كان الحديث عن «أنفلونزا الطيور» فى مراحله الأولى تنقل وكالات الأنباء أخباره من بلاد بعيدة عنا، وما هى إلا شهور قليلة حتى كان المرض اللعين قد استوطن فى مصر، ورويدًا رويدًا صرنا نقترب من وصمة عالمية لبلادنا بأنها منطقة موبوءة يحظر الاقتراب منها، خاصة وحالات الإصابات البشرية لدينا فى تزايد مستمر، وربما أصبحنا قريبًا فى المركز الأول على مستوى العالم..

وبالتالى فإن احتمال وصول فيروس الخنازير إلينا يظل هو الاحتمال الأقرب للحدوث، خاصة مع تأكد أنباء وصوله إلى إسرائيل جيراننا الأشرار المفروض علينا حبهم والترحيب بهم وفتح حدودنا أمامهم حسب المعاهدة معهم!! كذلك فإن الظروف البيئية والمعيشية التى يعيشها الشعب المصرى.. ناسه وطيوره وخنازيره.. كلها توفر أفضل مناخ لانتشار أى مرض أو وباء!!

أكثر ما أذهلنى ولفت نظرى فى هذه الهوجة الأخيرة هو تصريح نشره الأهرام يوم ٢٧/٤ للسيد المهندس ماجد جورج، وزير البيئة، طالب فيه بسرعة تنفيذ قرار جمهورى (أى قرار صادر من رئيس الجمهورية) بنقل حظائر الخنازير من الكتل السكنية إلى الموقع الجديد الذى تم تخصيصه لها على مساحة ٢٣٨ فدانًا بمنطقة وادى الدباب شرق مدينة ١٥ مايو، وأن هذا القرار قد صدر فى منتصف عام ٢٠٠٨ أى ما يقرب من العام!!

وقال سيادته أيضًا إن وزارة التنمية المحلية والمحافظات منوط بها تنفيذ القرار، ولكنه بالطبع لم يحدد من المسؤول عن متابعة ذلك التنفيذ لقرار رئيس الجمهورية!! يزداد العجب والتأكد بأننا نعيش عصر الغيبوبة واللامبالاة والعجز، ما نشرته الأهرام أيضًا حول الموضوع من أن مصر تشهد الآن أنشطة مكثفة واجتماعات طارئة للعديد من الوزارات والهيئات للنظر فى «تفعيل» القرار الجمهورى المشار إليه.

وكيف أن وزارة التنمية المحلية قد طلبت من الهيئة العامة للتخطيط العمرانى إعداد دراسة حول الموقع المقترح لنقل مزارع الخنازير، ثم تصريح الدكتور رئيس الهيئة بأنهم تسلموا هذا القرار منذ نحو شهرين فقط وأنهم بدأوا بالفعل فى إعداد الدراسة المطلوبة التى تشمل تقويم الموقع المقترح من حيث ملاءمته لنقل هذا النشاط، كما سيتم (والسين تعنى الفعل فى المستقبل) إجراء دراسة اجتماعية لكيفية إتمام النقل ومدى تأثيره على سكان المناطق القريبة منه!!

أكتفى بهذا القدر من التصريحات لوزراء ومسؤولين كبار حتى لا يزداد ارتفاع ضغط دم القارئ، ولكنى أضع مائة علامة استفهام عن معنى الدولة وقوتها وهيبتها.. مر ما يقرب من العام على قرار صادر من رئيس الجمهورية، ولم يفعل أحد شيئًا، وفى الغالب لم يكن هناك أحد ينوى فعل شىء، إلى أن حدثت هذه الهوجة العالمية حول مرض أنفلونزا الخنازير..

وللعلم فإن القرار الجمهورى الذى صدر منذ شهور عديدة لم تكن له علاقة بأنفلونزا الخنازير.. فلسنا من المكشوف عنهم الحجاب ونعلم المستقبل، وإنما كان لسبب آخر مهم جدًا يتعلق بمرض أنفلونزا الطيور الذى وجد فيروسه أخيرًا ضالته واستوطن فى أكثر أماكن العالم الآن تدنيًا فى الظروف البيئية والاجتماعية من فقر وجهل.. وحيث إن جميع الدراسات العلمية كانت ترشح الفيروس للتحور بحيث ينتقل من الإنسان إلى الإنسان وهو ما يمكن أن يؤدى إلى كارثة لا يتصور أحد مدى فداحتها..

فقد أشارت هذه الدراسات أيضًا إلى أن تحور الفيروس سوف يكون عن طريق عائل وسيط وهو الخنزير.. ومن هنا كانت التوصية العاجلة والقرار الجمهورى بنقل مزارع الخنازير خارج الكتل السكانية.. وها قد رأينا كيف تعامل بعض من وزرائنا وكبار مسؤولينا مع قرار رئيس الجمهورية، الذى تم تجميده والتعتيم عليه بفعل فاعل، وانتشرت الشائعات التى تتحدث عن قوة أصحاب مزارع الخنازير وصلاتهم بالكنيسة وأقباط المهجر وغيرها من الترهات والسخافات التى حولت قضية صحية علمية إلى قضية دينية!!

إن ما نشاهده هذه الأيام فى مجالسنا التشريعية من خطب عصماء واقتراحات هوجاء بإعدام كل الخنازير هو نوع من الجهل والمزايدة والعصبية، وكان أولى بهؤلاء السادة منذ شهور عديدة مناقشة أسباب عدم تنفيذ القرار الجمهورى المشار إليه، ومطالبة الجامعات ومؤسسات البحث العلمى بضرورة التركيز على دراسة هذه الفيروسات وتصنيع لقاحات وأدوية لها بدلاً من إضاعة الوقت فى جدال عقيم حول الكادر والحرس الجامعى، فى الوقت الذى أعادت فيه الجامعات إلى وزارة المالية جزءًا كبيرًا من الميزانية المخصصة للبحث العلمى لعدم وجود أبحاث!!

هل قرأتم عن اقتراح أوباما فى كلمته أمام الأكاديمية الوطنية للعلوم حول موضوع أنفلونزا الخنازير بإعفاء استثمارات الشركات العاملة فى البحث العلمى من الضرائب أو عن تكليف سلطات هونج كونج فريقًا من العلماء البارزين بوضع اختبار جديد من شأنه سرعة تشخيص المرض... أو ... أو... فى كثير من بلاد العالم المحترمة.. ونحن هنا لا ننادى إلا بإعدام الخنازير!! والله لا أدرى من يستحق الإعدام فى هذا البلد.. الخنازير... أم ... لا داعى.. فقد سلمنا أمرنا كله لله!!
الرد مع إقتباس