عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 15-01-2007
boulos boulos غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,586
boulos is on a distinguished road
قدس أبونا يوحنا نصيف يرد على زغلول النجار

المُزَوِّرون


14/01/2007

بقلم : القس يوحنا نصيف - الإسكندريّة
لم أجد وَصفًا دقيقًا يكون أخفّ حِدّة من هذا الوصف لبعض الذين يتحدّثون باسم الدين في الصحافة ووسائل الإعلام هذه الأيام..
وبداية،ً المُزَوِّر هو الذي، من أجل مكاسب معيّنة، يحاول خداع الناس بتقديم ما هو كذب وغِش على أنّه حقّ وصدق.. ولكنّ الخداع والتزوير دائمًا ما ينكشف حتى ولو بعد حين، فيخسر الإنسان في النهاية ما قد يكون اكتسبه.. وهذا يؤكِّد صدق قول السيّد المسيح: "ليس مكتومٌ لن يُستَعلَن، ولا خفيٌّ لن يُعرَف" (لو12: 2).
وقبل أن أعرِض لبعض نماذج التزوير.. أحبّ أن أوكِّد أنّ الصِّدق مع النفس، والبحث الصَّادق عن الحقيقة بدون التواء، وتسمِية الأشياء بمسمّياتها الحقيقيّة، هو بداية أي نهضة حضاريّة حقيقيّة لأي بلد وأي شعب.. وأنّ منهج التزوير والتزييف والخداع والالتواء، وتسمية الأشياء بغير مسمّياتها الحقيقيّة، هو الوصفة الأكثر ضمانًا للتخلُّف والضّعف والفشل والانهيار لأي إنسان أو شعب أو نظام..
من أجل هذا فإنّ من المهمّ أن يكون هناك فضح وكشف مُستَمِرّ لألاعيب المُزوِّرين، وتنمية الوعي المُضاد لهذا المنهج الذي أصبح يستعمله نفر غير قليل في بلادنا الغالية مصر.. فهؤلاء الناس هم خطر حقيقي على البلاد، إذ أنّهم بينما ينثرون الأكاذيب بكلّ جرأة هنا وهناك.. هم يزيِّفون التاريخ، ويشوِّهون الحقائق، ويحشون عقول الناس بالكثير من التخاريف والسّخافات، التي تُغَيِّب العقل وتُرَوِّج للخُرافة..!
فمثلاً ما كتبه الدكتور أحمد الطيِّب رئيس جامعة الأزهر في مقالاته الأخيرة بجريدة الأهرام، هو نموذج مُضحِك للتزوير البدائي المفضوح، فهو يزعَم، وبكلّ تأكيد، أنّ هناك سيفًا للمسيحيّة.. هكذا دون أي سند من نصوص الإنجيل... ثمّ يخلط خلطًا مُتَعَمَّدًا وغير منطقي بين سيف السُّلطة المُستبِدَّة للإمبراطوريّة الغربيّة في القرون الوُسطى وبين بعض مواقف قليلة جدًّا في العهد القديم لها ظرفها التاريخي والجغرافي، وليس هناك عاقل واحد بعد أن يقرأ عنها في الكتاب المقدَّس يمكنه أن يجعلها تنسَحِب على زمانٍ ومكانٍ آخَر.. ولعلّ ما حدث مؤخَّرًا في جامعة الأزهر قد كَشَفَ القناع الذي كان يرتديه رئيس الجامعة، والذي كانت ميليشيات الإخوان تتربّى في أحضانه وتحت سَمعِهِ وبصره.. فليس مكتومٌ إلاّ ويُعلَم ولا خفيٌ إلاّ ويُعرَف.. ومَهما حاول الإنسان أن يتخفّى أو يتجمّل فلُغته ستُظهِره..!!
وعندما حاولت في الفترة الأخيرة أن أرصُد بعض التزوير في الأحاديث والتصريحات التي تُنشَر في الصّحافة ووسائل الإعلام أصابتني دهشة كبيرة إذ لم أستطِع حصر الكميّات الهائلة من الأكاذيب والتزوير التي تطفح بها..!
أمّا العَجَب العجاب فهو نوعيّات الأقنعة التي يتخفَّى تحتها هؤلاء المُزوِّرون، فالبعض يتخفّى خلف قناع درجة الدكتوراه في الفِقه والعلوم الدينيّة، والبعض يتخفّى خلف شِعارات وطنيّة برّاقة مثل "نحن فصيل وطني"، والبعض الآخَر يلبس قناع ثوابت الأمّة وعدم تجاوُز الخطوط الحمراء والمواد التي فوق الدستور، والبعض يرتدي ثياب العُلماء الموسوعيين الذين يفهمون في كلِّ شيء، من الإبرة للصاروخ، مرورًا بالتاريخ والجغرافيا وعِلم الأجِنّة وعلوم الذرّة...!!
ولعل النفع الوحيد الذي يُمكِن أن نستفيد به مِمّا يقوم به هؤلاء المُزوِّرون هو أن نكون أكثر انتباهًا ويقظةً لكلِّ ما يُكتَب أو يُقال، وأن نتعامل مع ما يُقدَّم لنا بعقليّة نقديّة تبحث عن الحقيقة والمنطق، وعن الأصول والمراجع، ولا تكتفي بالكلام المُرسَل.. لكي تستطيع أن تفرز بدِقّة الحقّ من الباطِل، والصِّدق من الكذب..
* * *
سأكتفي في هذا المقال، بإلقاء الضّوء على نموذج مشهور هو فضيلة الدكتور زغلول النجّار، الداعية الإسلامي المعروف، ورئيس قسم الإعجاز العِلمي للقرآن بجامعة الأزهر، وصاحب الأفكار العجيبة الغريبة عن الإعجاز في القُرآن، والتي لن نخوض فيها بل نترك لإخوتنا المُسلمين العُقَلاء المُستنيرين مناقشتها معه، إن كان يقبل ذلك.. ولكن ما يهمّنا هو ما يطرحه في مقالاته الأسبوعيّة بالأهرام بخصوص المسيحيّة وكتابها المقدّس.. فمثلاً في مقاله بتاريخ 25 ديسمبر 2006م يطفح كلامه بكمّيّة كوميديّة هائلة من الأكاذيب والتزوير التاريخي.. وسأستعرض جزءًا صغيرًا ممّا قاله بالنصّ، وأتبعه بتعليق لكشف التزوير وإيضاح الحقائق (وقد قُمتُ بتقسيم كلام الدكتور إلى نقاط، من أجل التنظيم وتسهيل التعليق على كلّ نقطة):
[1- لقد كفر اليهود.. بتحريف التوراة وبيعها قراطيس للناس..
2- تربّى غُلاة اليهود.. على فريّة (كِذبة) كبيرة مؤدّاها أنهم شعب الله المُختار.. وأنّ مَن هُم غير اليهود.. هم حيوانات خُلِقَت في هيئة البشر حتّى يكونوا لائقين بخِدمة اليهود، ومِن هُنا فهم عبيدٌ لليهود، ولا يجوز التعامُل معهم بأيّ قدرٍ من الإنسانيّة أو الرّحمة..
3- توراة موسى.. اليهود أشبعوها تحريفًا وتزويرًا ودسًّا على الله..
4- يَعتبرون (اليهود) التوراة متجسِّدة في الأسفار الخمسة الأولى.. وهذه الأسفار الخمسة لمّ تُدوَّن إلاّ في عهد "عزرا" بعد وفاة موسى –عليه السلام- بأكثر من ثمانية قرون..
5- يُجمِع دارسو العهد القديم على أن "سِفر حزقيال" وُضِعَ أولاً، ثمّ رُكِّبَت حوله بقيّة الأسفار الموضوعَة..
6- كان لليهود أكثر مِن توراة مثل "التوراة البابليّة"، "توراة القُدس"، و"التوراة البيضاء"، و"التوراة السّامريّة"، و"السّبعينيّة" و"العبريّة" و"اليونانيّة" وغيرها، وبينها اختلافات جوهريّة عديدة تشير إلى عبث الأصابع اليهوديّة بها.
7- استمرّ اليهود في تحريف كتبهم على ما يزيد على (2500) سنة..
8- يعترف العهد القديم بأنّ توراة موسى قد فُقِدَت، ولذلك أخذ اليهود يكتبون عنها من الذّاكرة ما تناقله كلّ من الأجداد والآباء للأحفاد والأبناء..
9- عند بعثة المسيح قام اليهود بحرق ما بَقِيَ بأيديهم من التوراة... وصاغوا كتبًا جديدة في القرن السَّابع الميلادي.. وقد استمرّ التحريف فيها لأكثر من ثمانمائة سنة، ولم تُطبَع إلاّ في أواخِر القرن الخامس عشر الميلادي تحت مُسَمَّى "العهد القديم"..
10- "العهد القديم" هو مُسَمَّى من وضع البشر لأن الله –تعالى- لم يُنزِل كتابًا بهذا الاسم. وحتّى هذا المؤلَّف ظلّ يتعرّض للتحريف بعد التحريف وللتعديل تِلو التعديل، وللإضافة والحذف إلى يومِنا الرّاهِن..] انتهى الاقتباس.

الرد مع إقتباس