رابعا : الشرخ بين الامن والمواطن ونظرا لإعتماد النظام على الأجهزة الأمنية بشكل أساسى لحماية حكمه، تصنف مصر على إنها دولة أمنية بوليسية من الدرجة الأولى يرتكب فيه البوليس كافة مستويات الجرائم ضد المواطنيين بدون أن تطوله يد المسألة والعقاب عن هذه الجرائم.النظام يدلل أجهزته الأمنية لانه معزول عن الشارع وفاقد للشرعية الحقيقية وليس أمامه سوى الأستقواء على شعبه بهذه الأجهزة التى ترتكتب الكثير من الجرائم حسب تقارير منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية، ولهذ نادرا ما يحال من يرتكبون جرائم التعذيب والتى تصل لحد القتل الى القضاء، والحالات القليلة التى احيلت بفعل ضغط الرأى العام عوقبت بأحكام مخففة لا تتناسب أطلاقا مع الجريمة.
خامسا: الفصل بين التدين والأخلاق على أن أخطر ما يزعجنى فى مصر هو الفصل بين الدين والأخلاق وتحويل الدين إلى مجموعة من الممارسات والطقوس الشكلية المظهرية حيث تم تنميط العلاقة السامية مع الله فى عملية حسابية ميكانيكية آلية للحسنات والسيئات، وبهذا تم تجزئة وتفتييت الأخلاق طالما أن المسألة حساب للسيئات وللحسنات ، وهذه نقرة وتلك اخرى، والسيئة تحسب واحدة والحسنة بعشرة والحسنات يذهبن السيئات ،وفى النهاية نتيجة المحصلة الحسابية فى الثقافة الإسلامية هى دائما لصالح نتيجة إيجابية للحسنات وتخرج فى نهاية اليوم وانت مداين ربنا بعدد لا بأس به من الحسنات!!!. وهذه العملية تنطبق على المسلمين والأقباط فى مصر فقد أزداد التدين وانحدرت الأخلاق، ولهذا لا ينعكس الإزدحام الشديد فى المساجد والكنائس على أخلاقيات الشارع، فالكذب والفهلوة والنصب والفساد وتراجع الأمانة والاتقان فى العمل والاخلاص والوفاء كلها اصبحت سمات بارزة فى الشخصية المصرية المعاصرة. وقد نقلت فريدة النقاش عن مستشرق معاصر قوله أن المصريين يواظبون على القراءة عكس ما يشيع عنهم ولكن قرأة لكتاب واحد وهو القرآن، ومع احترامى لذلك إلا أن الافراط فى قراءة الكتب الدينية إنعكس بشكل سلبى على المصريين. وتدور المناقشات بين الشباب فى معظمها حول موضوعى الدين وكرة القدم وينهمك المصريون من نادى الجزيرة إلى عربات مترو الانفاق فى تصفح الكتب الدينية، وتزدحم وتتخم رفوف المكتبات وفى معرض القاهرة للكتاب بالكتب الدينية، أما فى السر فالموضوع مختلف فوفقا لجوجل فإن اكثر المواقع التى يزورها المصريون على الانترنت هى مواقع الجنس وتتصدر مصر دول العالم فى هذا العمل. هذا بالإضافة إلى الشروخ والتمزق فى الهوية المصرية الناتج عن إحتقار الإسلاميين لجذورهم المصرية القديمة وإستعلائهم بهوية وافدة من الصحراء العربية على جذورهم الممتدة عبر التاريخ، والشروخ الجغرافية الناتجة عن تململ النوبيين من المظالم الواقعة عليهم وبدو سيناء بتصادمهم مع البوليس الذى كان يتستر عليهم أثناء تهريب الأسلحة عبر أنفاق رفح إلى غزة ولكن مع قيامهم بالعملية العكسية بدأت المواجهة مع الامن. هذه فقط عينات لشروخ يعانى منها الجسد المصرى والتى تهدد بانهياره. وحتى لا يؤثر تشاؤمى هذا على القراء اختتم بمقولة نجيب محفوظ على لسان أحد ابطاله وهو دكتور ماهر عبد الكريم فى رائعته " المرايا" بقوله " قولوا فى الدنيا ما شئتم، لا جديد فى التشاؤم، ولكن الحياة فى صالح الإنسان وإلا لما زاد عدده باطراد، وما زالت سيطرته على دنياه". وإذا قسنا تفاؤل الشعوب بكثرة الإنجاب فمصر والدول الإسلامية فى قمة التفاؤل ....إنه التفاؤل الذى يصل إلى حد الهيستريا.
__________________
samozin
|