هل بدأ موسم الحصاد المر فى الكنيسة؟!كمال زاخر موسى
الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون هذا ما تعيشه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية اليوم والوليمة التى أقامها الأباء تم إعدادها حثيثاً عبر ما يزيد على ثلاثة عقو وقد اطلقنا صيحات التحذير من كثير من اطباق هذه المائدة على صفحات مجلة مدارس الأحد فى مطلع تسعينيات القرن المنصرم باعتبارها مجلة كنسية وحتى يكون الحديث باعتباره يتناول شأن كنسىفى مكانه الطبيعى وخلنا وقتها أنه قادر على فتح حوار موضوعى داخل المنظومة الكنسية خاصة عندما تكون قيادتها الروحية تجمع بين الأبوة والثقافة والقدرة على إدارة الحوار لكن التداعيات الرسمية الكنسية قالت بغير ذلك ولما كان الخطر مازال قائماًوقتها والآن خرجنا باطروحاتنا الى الصحافة العامة عسى أن نصل بها إلى أولى الأمر بالكنيسة لتدارك نتائجها السلبية المتوقعة والممتدة وحسب البعض ما نطرحه هو هجوم على الكنيسة لحساب مقاوميها وجاءت ردود الأفعال مركزة فى ثلاثية التكفير والتخوين والمؤامرة.وتدور الأيام لتؤكد صحة توقعاتنا ويبدو أن موسم الحصاد المر قد بدأ ، بإقصاء كل التيارات الفكرية اللاهوتية والإدارية المغايرة لما تراه النخبة القابضة على زمام أمور الكنيسة ثم توالت النتائج التى هزت الوجدان القبطى من راهب النبأ وفضيحته المدوية ـ خلل الأديرة ـ وسيدة أبو المطامير التى كشفت غطاء التهرؤ الذى يغطى العلاقات المبنية على النفاق والإهمال والتعنت السلطوى واختفاء تعليم اعلان المسيح ـ خلل البناء الروحى للإكليروس ـ وطالبات جامعة الفيوم وقشرية الخدمة بين الشباب وتحولها الى خدمة ترفيهية ـ خلل المنظومة اللاهوتية فى التعليم ـ واسألوا عن ارقام الإرتداد وقضايا الطلاق واحاديث ووقائع الفساد المالى والإدارى والأخلاقى عند القمة والسفح وكنيسة المقطم المنشقة التى تكشف إختفاء روح الأبوة التى تجمع ولا تفرق وانتفاء نهج الراعى الصالح الذى يبذل نفسه عن الخراف ، والتجبر مع الأباء المنسوب اليهم اتهامات والمعارضين لسياساتهم بإعمال التسلط والتورط فى المواقف السياسية التى أثرت سلباً على خط الكنيسة الروحى والرعوى وقبل هذا كله تصاعد الصدام مع السلطة الحاكمة حتى وصل إلى ذروته فى أحداث سبتمبر1981 واحتواء المجلس الملى لينفصل عن قاعدته الشعبية ليصبح مجرد ممر الى الوجاهة الإجتماعية وقناة توصل الى مآرب سياسية .وتخرج علينا الكرازة بما يؤكد حجم الصراعات عند القمة بل وتقدم للشباب صورة سلبية تنال من قيمة الكهنوت ما كان يجب ان يقع فى مصيدة طرحها أناس يفترض فيهم الحكمة والحنكة ومن عجب انهم يقيمون الدنيا ولا يقعدونها عندما تطرح قضايا كنسية موضوعية فى الصحافة العامة ويرفعون شعار العثرة ويحذرون بالويل لمن تأتى منه هذه العثرات فماذا عن عثرات الكرازة المجلة والكرازة العمل المجمد والغائب والذى لم يعد له مكاناً على أجندة الكنيسة .وأعنى العدد الصادر فى 24 يونيو 2005 تحت عنوان إجتماع المجمع المقدس والذى انهى اعماله بغضب قداسة البابا والغاءه القداس الإحتفالى بعيد حلول الروح القدس ، وهو بمثابة الإحتفال بتأسيس الكنيسة بعد صعود السيد المسيح ، ويتردد فى أروقة الكاتدرائية أنه رد فعل لوقوف مجموعة من الأساقفة ضد رغبة البعض فى عزل عدد من الأساقفة ممن لهم مواقف مناوئة لسياسات وقرارات ومعالجات القيادة الكنسية فى الأونة الأخيرة وهى المرة الأولى التى تظهر فيها على السطح الخلافات العميقة داخل مجمع الأساقفة وتأتى من شباب الأساقفة ممن اختارهم قداسته ويطلق عليهم البعض تجمع الأساقفة الأحرار ولم تستطع عصا سكرتير المجمع الغليظة حملهم على الإنصياع لرغبة حملة الإقصاء وإن كان البعض يتوقع اصطيادهم فرادى للتخلص من القوى المناوءة لوصول شخوص بعينهم للكرسى البابوى .فقد فاجأتنا المجلة على امتداد صفحتها الرابعة وتحت عنوان لجنة شئون الإيبارشيات:إنتهاء عمل نيافة الأنبا متياس كأسقف للمحلة الكبرى وإعلان خلو كرسى المحلة بقائمة اتهامات طويلة موجهة للأسقف المشار إليه وهى خليط من الأقوال المرسلة وبعضها غير منطقى وبعضها تمت صياغتها بطريقة الإنتقاء وقيل أن هناك تسجيلات بصوت الأسقف تذكرنا بتلك التى جاءت بفيلم الكرنك أيام مراكز القوى ويبدو أننا اقتبسنا أدواتها هنا ، ولم يذكر المقال أن الأسقف المتهم قد انيحت له محاكمة عادلة أو أعطى الفرصة للدفاع عن نفسه وهى أحد اركان إعمال مبدأ العدالة الكنسية والمدنية ، وطالب بعض الأساقفة بوجوب حضوره أمام المجمع باعتباره السلطة العليا فى الكنيسة وقداسة البابا القاضى الذى من واجبه اتاحة كل السبل لتوافر محاكمة عادلة ولا يجوز والأمر على هذه الدرجة من الدقة والخطورة الإرتكان الى تقرير لجنة مجمعية ـ مع تقديرنا لها ـ وجاءت المبررات واهية لم تستطع أن تضفى على القرار والحكم صفة المشروعية ، راجع فى ذلك ما كتبه اسقف التعليم على صفحات الكرازة فى إصدارها الأول إبان خلافه مع البابا كيرلس السادس تحت عنوان لا حكم بغير محاكمة.ولى بعض الملاحظات والتساؤلات على ما جاء بالمجلة بشأن أسقف المحلة 1
منذ متى أقر فى النظام الكنسى مبدأ استقالة أسقف ، بعد أن استقر وفق القواعد الكنسية أن الأسقف بمثابة زوج للإيبارشية ، وأنه فى حالة عجزه أو فقده للأهلية أو ماشابه ذلك يودع بالدير ويعين قائمقام لإدارة الإيبارشية لحين وفاته فهو ليس موظفاً عاماً حتى يستقيل أو يقال أو " يستقال "، ليصبح أسقفاً متقاعداً ، أو " أسقف على المعاش " وعليه لم أفهم ما جاء بالمقال بالنص " مع أن تقرير لجنة شئون الإيبارشيات الذى وقع عليه أكثر من 75 أسقفاً قبل اجتماع المجمع كانت توصياته هى قبول إستقالته من رتبة الأسقفية مع الإعلان عن خلو الكرسى ، فقام البابا بتعديلها إلى قبول استقالته من عمل الأسقفية ، وليس من رتبة الأسقفية ، إشفاقاً عليه " فإذا كانت الاتهامات صحيحة ـ وهى خطيرة ومدمرة ـ فما هو دافع الإشفاق وهل الشخص فوق الكنيسة أم هو وخز الضمير الذى يبغى الجمع بين تصفية الحسابات والتلويح بعصا السلطة وبين عدم الإقتناع بصحة هذه الإتهامات .2وماذا عن الإعلان عن" خلو كرسى المحلة " هل هو إعلان عن خلو كرسى لمجلس الشعب فى دائرة المحلة أم خلو موقع وظيفى؟! وهل يمكن إعتبار هذا خطوة على طريق الإصلاح الكنسى تؤسس مبدأ خلو أى كرسى يمكن إثبات أن صاحبه قد أخل بواجباته أو غلب الشأن الدنيوى ـ السياسى ـ على دوره الرعوى ، بما يتعارض مع ما قالته له الكنيسة يوم رسامته " إرع رعية الله التى أقامك الروح القدس عليها ومن يديك يطلب دمها " 3ولست بصدد اعادة نشر الإتهامات حفاظاً على ما تبقى لنا من نذر يسير من كرامة الكهنوت المهدرة على صفحات الكرازة ، ولكنى اتساءل : إذا كان من المؤاخذات على الأسقف أنه سافر إلى اميركا يوم جمعة ختام الصوم ولم يحتفل مع شعبه باسبوع الألام ولا بعيد القيامة ، فما القول فيمن ترك شعبه وكنيسته ولم يحتفل معهم بعيد حلول الروح القدس وتأسيس الكنيسة وإذا كان الإمتناع عن حضور جلسات المجمع المقدس واحدة من الإتهامات التى تستوجب العزل فماذا عن شيخ المطارنة الذى لم يحضر لأكثر من عشرين سنة هذه الإجتماعات وهل الأسقف مانح للبركة أم ناقل لها من مصدرها الوحيد وهو الله جل شأنه وهل مراجعة الطقوس والصلوات أمر جلل أم هو دليل حياة الكنيسة وخاصة أن هناك دراسات جادة كنسية توصى بتحقيق ومراجعة وتنقية الكثير منها ، ومنها تصريحات لقداسة البابا نفسه فى بواكير حبريته ، والتكرار الناجم عن الصلاة بلغات ثلاث " اليونانية والقبطية والعربية لا محل له بعد أن استقرت الصلوات واللغات المستعملة داخل الكنيسة على القبطية والعربية فقط ، والحوار حول مفهوم كلمة الله قائم ودائر والأمانة كانت تقتضى طرح ما قاله الأسقف فى هذا الصدد كما هو ـ وشهوده أحياء ـ وليس بالقص واللصق والتحوير . وحتى أخفف على القارئ أدعوه ليضحك قليلاً ـ مع يقينى بأن شر البلية ما يضحك ـ يتهم الأسقف بأنه " كان كثير السفر إلى أمريكا بالذات ، وله فيها بيت وحساب مالى فى البنك ياحمرة الخجل أين أنت .أتصور أن حركة الاساقفة الأحرار بحسب وصف الدوائر الكنسية بالكاتدرائية قد خطت خطوة هامة فى طريق الإصلاح الكنسى حلم كل المستنيرين بالكنيسة وفى ظنى أن الفجر قريب وعندئذ ستعود الكنيسة الى دورها الروحى المحملة به من رب المجد،" بعد تلك الايام يقول الرب اجعل شريعتي في داخلهم واكتبها على قلوبهم واكون لهم الها وهم يكونون لي شعبا ، في تلك الايام لا يقولون بعد الاباء اكلوا حصرما واسنان الابناء ضرست. بل كل واحد يموت بذنبه كل انسان ياكل الحصرم تضرس اسنانه " ارميا 31 .
|