تم صيانة المنتدي*** لا تغير فى سياسه من سياسات المنتدى اكتب ما تريد لان هذا حقك فى الكتابه عبر عن نفسك هذه ارائك الشخصيه ونحن هنا لاظهارها
جارى تحميل صندوق البحث لمنتدى الاقباط

العودة   منتدي منظمة أقباط الولايات المتحدة > المنتدى العربى > المنتدى العام
التّسجيل الأسئلة الشائعة التقويم جعل جميع المنتديات مقروءة

المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه

المشاركة في الموضوع
 
خيارات الموضوع طريقة العرض
  #1  
قديم 03-05-2012
الصورة الرمزية لـ الحمامة الحسنة
الحمامة الحسنة الحمامة الحسنة غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Mar 2007
الإقامة: فى جنب يسوع المجروح
المشاركات: 6,398
الحمامة الحسنة is on a distinguished road
واقعنا العربي المنكوب وسبل التعافي

واقعنا العربي المنكوب وسبل التعافي










بقلم إبراهيم عرفات

قال ابن خلدون في مقدمته: إنّ العرب إذا تغلبوا على الأوطان أسرع إليها الخراب، والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية، باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم، فصار لهم خلقًا وجبلة، وكان عندهم ملذوذًا لما فيه الخروج عن ربقة الحكم... وسبقت التوارة ابن خلدون فقالت ما قاله بالحرف الواحد. جاء في سفر التكوين: وقال لها ملاك الرب ها انت حبلى فتلدين ابنًا وتدعين اسمه اسماعيل... وانه يكون انسانا وحشيا يده على كل واحد ويد كل واحد عليه. وعندما أقرأ عبارة "يده على كل واحد ويد كل واحد عليه" وأشاهد الأخبار عبر وسائل الإعلام اليوم لا يسعني إلا أن أتبسم تبسمًا فأترجمها إلى "لاطش وملطوش ودايما واخد على قفاه". وهنا ليس من العقل اتهام ابن خلدون بأنه "جاسوس" للموساد ويردد ما تقوله وسائل الإعلام الصهيوني أو أنه مصاب بالإسلاموفوبيا كما يفعل المسلمون اليوم مع أي محاولة نقد، حتى لو كانت نقدًا ذاتيًا بهدف مراجعة الذات الفردية وفحص ضمير الأمة، ولكن الأمر يعني في حقيقته أن الواقع العربي به سرطان والآن ليس وقت الربت على أكتاف أحد أو الرفق بمشاعرهم المرهفة حتى الصراخ والتفجير عند ظهور عمل أدبي يظهر فيه الفكر الحر للإنسان وإنما نحن هنا بحاجة للتسمية فنسمي كل شيء بإسمه وثمة حاجة ماسة إلى العلاج فورًا. إلقاء اللوم على الأطراف الغربية قد يشبع غرور العرب لدقائق معدودة ولكن نكبة الواقع العربي والتي تتفجر من داخله تتفاقم يومًا بعد يوم. نحن شعوب لا تقدر ما للفرد من فردية وتفرد وانفراد. نحن شعوب لا تعي ما هي الحرية، ولا زلنا نمارس القهر بشكل لا شعوري، وبوعي أو بدون وعي. الزوج مثلاً يرأس زوجته ويقهرها، والأم بدورها تقهر أطفالها، والأطفال بدورهم يقهرون زملائهم في الحارة أثناء اللعب، والشر يمتد ويستشري، والدائرة تدور.

نحن بإسم الشرف نلغي الآخر ونكتم على نفسه، وبإسم الأخلاق فرضنا النفاق الديني والإجتماعي على بعضنا البعض. ندعي أننا مجتمع محافظ ومن التحفظ لا نملك في الحقيقة إلا الشكليات والتي تخفي وراءها الرياء بكل صوره. هذا مجتمع محافظ فيه يدس كل إنسان أنفه في شئون الآخرين ويجعل من نفسه قيّما على أمورهم، والويل لك إنْ كنتِ إمرأة في مجتمع كهذا إذ لداسوك تحت أقدامهم ولاكت ألسنتهم سمعتك وطعنت فيك عند أدنى الخروج ولو شعرة عن العرف الجماعي السائد. يقول عن نفسه إنه مجتمع محافظ؛ وفي حقيقة الأمر هو مجتمع مكبوت ينفجر كالقنبلة الموقوتة مرة ومرات متتالية دون انقطاع لما يعتمل في نفوس الناس من احتقان وكبت وقهر وكبح نفسي وجنسي. ومن ثم فالفرد قد ضاع وضاع عقله فضاعت أمة ضيعت ذاتها بيديها. تُرى متى يمتلك العربي عقله فلا ينقاد وراء الدهماء من العامة وما تمليه سلطة المجتمع؟ متى يمتلك العربي عقله ويفعل ما هو أخلاقي بناءًا على ما يستريح إليه ضميره لا ما يمليه مجموع العامة في المجتمع وغالبيتهم من الجهال الغير مثقفين؟ متى يمتلك العربي عقله فيفعل ما هو جوهري ويتجاوز الشكليات والرسميات الاجتماعية ويتصرف من هنا بصدق مع نفسه ومن تلقاء ضميره فلا يستفتي إلا قلبه كإنسان وهذا يكفي؟ متى يتحرر العربي في عقله وباطنه لا أن يتحرر شكليًا فيحاكي الغرب في الشكليات (ومن ثم يفقد هوّيته العربية الجميلة) في حين أن سلوكياته ونظرته للمرأة والآخرين لا تزال تقول إنه مازال جلفًا حتى النخاع؟ ومادام الواقع العربي يشغلنا إلى هذه الدرجة فليس من اللائق أن نتنكر عنه فنعرض أو نصد عنه صدودًا أو نشمئز منه ونقول نحن مصريون وأما أنتم فعرب لأنها سفينة واحدة فيها تجمعنا ثقافة عربية واحدة مشتركة والنبل الإنساني يفرض علينا أن نتحمل المسئولية ونعلن صادقين أنه واقعنا العربي نحن وأنه واقع مريض أشد المرض ويتلهف أشد اللهفة إلى العلاج. صحيح أن البعض منا جذورهم فرعونية أو كلدانية أو ما شئت من الجذور ولكن نحن الآن أصحاب لغة عربية وثقافة عربية عروبةً لا مراء فيها وحسّنا هو الآخر عربي ونبضنا عربيّ؛ ولا يعزف على أوتار قلوبنا من الطرب أو الشعر وموسيقاه إلا ما هو عربي وقل مثل ذلك في الأطعمة والألبسة والعمارة والفنون وكل ما خطر ببالك حيث جاءت كلمة "عربي" كـ إسم أو صفة في معرض الحديث. يقدر كل عربي فينا أن يأخذ مسافة، ولو قدر شبر، رمية حجر، وننظر في انتماءاتنا وموروثاتنا وجلّ ما نتحيز له نظرة فحصٍ وتحقيقٍ وامتحانٍ ونغربل ما تناقلناه من جيل إلى جيل ونختار أن نصنع حاضرنا بأيدينا لا كما قيل لنا من الأعراف الاجتماعية البائدة. عندها سنكتشف كم نحن متفوقون كعرب وما بداخلنا ليحمل إمكانيات جبارة بحاجة للتنقيب والتوظيف الحسن. ولكن كيف نتقدم، نحن العرب، ونحن لا نملك، ماذا أقول؟ أستغفر الله! ونحن لا نملك حتى الثقة بأنفسنا ونسب أنفسنا بأمثال قبيحة على شاكلة "العرب جرب". لا تجد شعبًا من بين شعوب العالم يسب نفسه ويهين ذاته بالأمثال مثلما يفعل العرب. ليفخر العربي بأنه عربي. لتفتخر العربية بأنها عربية وأنها تحمل في جيناتها حضارة العرب القدامي ولنسأل سبأ ومعين وتدمر والعرب الجنوبيين ونقوشهم التي تثير إعجاب المستشرقين الغربيين في كل بلاد الغرب.

وأنا كفرد عربي مسلم أصابه ما أصاب باقي المجتمع أتعرض لذاتي كنموذج. استوقفت نفسي. ما الحل لما نحن فيه من ضنك؟ ألعل الحل تطبيق الشريعة الإسلامية؟ في مسجد المحطة عندنا بالصالحية كثيرًا ما انطلقت الخطب من الحناجر صارخة بأن الدواء لما أصابنا من داء هو أن نكون أهل عقيدة، وأن نعود لديننا. ولكن هل العودة للإسلام هي سبيل العرب للصحوة؟ هذا ما زعمه سيد قطب في كتابه معالم في الطريق. ولكني أصرخ فيهم: أروني دولة مسلمة واحدة طبقت الإسلام ونجح فيها؟ أين هو التطبيق البراغماتي لرؤية سيد قطب يا سادة؟ حيث حلّ الإسلام حل ما نحن فيه من تأخر عن ركب العالم الإنساني، وزاد الوباء واشتد الألم والفقر بنا. يكفي النظر المجرد لخريطة العالم وسوف تجد أن الإسلام ينتعش في البلاد النامية الموبوءة بالأمراض والحروب والاقتتال الطائفي فيها على أشده وبينما البلاد المسماة بالكافرة هي الناجحة اقتصاديًا، وتطفح إنسانية، وتزدهر من جميع الوجوه. الحل ليس في خلاص جماعي ولكن الحل، ومن خبرتي الشخصية، هو في خلاص فردي يناله كل فرد على حدة. لابد لهذه النفوس أن تتطهر من النفاق الديني ويحل الحبّ محل الازداوجية الدينية والاجتماعية. أقصد الحب الصادق الطاهر لا حب الأفلام والمسلسلات ولزاجته. والحب بكل صوره هو في أصله واحد ومصدره هو الله لأن الحب هو الله والله هو الحب. في الحب يهب الإنسان ذاته للآخر، والله أيضا يسبق الإنسان ويهب ذاته للبشرية المتألمة ويتألم معها لا أن يقف متفرجًا على صراخها إذ هو في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم كما تقول الكتب المقدسة في إشعيا 63: 9. نعم، كمسلم وجدت أشياء في المسيحية رفعت إنسانيتي ارتفاعًا يبلغ عنان السماء في حين الإسلام حطها أسفل سافلين فانحدرنا نهوي خلف ركب المجتمعات الإنسانية الدولية. في الغرب يهتمون بما للإنسان وأما نحن فنقتل الإنسان بإسم الله والدين. ومن أول من يهتم بما للإنسان ويزكي الميل الإنساني والعاطفة الإنسانية؟ إنها المسيحية والتي مسيحها كان أول من قال إن السبت ممثلاً في الفرائض والأحكام الدينية قد جُعل للإنسان لا استعباد الإنسان وتسخيره كي ما يرضى الإله كما هو حال الإنسان في الإسلام إذ هناك يقف العبد ذليلاً أمام ربه ولك أن تتصور الانعكاس السيكولوجي لإنسان يرى ذاته "عبد"، ويكره الحياة ويراها لا تساوي جناح بعوضة، وكل هذه النزعات الإسلامية والتي غرست في المسلم كآبة وكراهية للحياة بينما هم يعشقون الحياة في أوروبا ويقولون لك vivre la vie أي "عش الحياة" وانعم بها خير تنعمِ.

في واقعنا العربي في حاضره، كيف ننظر لأنفسنا؟ نعم، الموضوع مرتبط كل الارتباط بـ كيفية نظرنا لأنفسنا وكيف ننظر أيضًا للآخرين. ما هي قيمتي كإنسان عمومًا؟ إنًّ الأشياء بذاتها لا تضيف لكيانك الإنساني أي قيمة ولكن كيانك الإنساني هو ما يعطي الأشياء كل القيمة. لا الشهادات ولا الثراء ولا الذهب ولا الألماز و لا أي شيء في الوجود يمكن أن يضيف على كيانك أي قيمة. أمام الجثة في المشرحة، هناك أعضاء وقد يكون عليها ذهب أو جاه اجتماعي أو عليها ما عليها ولكن ما قيمة كل هذا وقد فارقها كيان الحياة؟ إنّ أثمن ما تمتلكه كإنسان هو كيانك البشري وقدرتك على أن تقول "أكون" و"أوجد" و"أريد" وكل هذا قائم في ذاتك من حيث أنت إنسان. أجل، قيمتى هي فيما أنا عليه وليست فيما أملك.

وماذا عن الآخر؟ كيف ننظر إليه؟ الآخر المتخلف عنا، أقصد. كيف ينظر الرجل العربي المسلم إلى المرأة في الحياة العادية (باعتبارها الآخر المكمّل له وكيانه الذي يحس به!) وفي فراش النوم بالأخص؟ دون لف ودوران، ما هو الجنس عندنا كعرب وكمسلمين؟ هل هو نكاح؟ يقضي منها وطره؟ هل قال أحد عبارة "الوطر" وما أدراك ما الوطر الذي يقضيه الذكر من المرأة وكأنه يسعى لتبلبية غرض مادي. هل ننظر إلى الجنس على أنه وطر نقضيه؟ نكاح؟ كلا! إنَّ الجنس مع المرأة التي تحب هو اتحاد كيانك كله بكامل كيانها وليس مجرد فعل الجنس. هل لديك شحنة تريد تفريغها أم أنك بالفعل تتحد بكيانها بالكامل؟ الجنس في الإسلام، وعند الكثيرين فاقدي الإنسانية أيضًا، هو "فعل" يفعله الذكر (الفحل) العربي ويقع هذا الفعل على المرأة. هو "فاعل" وهي مفعول بها. شيء يقع على المرأة ولابد من حدوثه وما باليد حيلة. سأعطي مثالاً: انتشرت على صفحات الفيسبوك، من مسلمين وأقباط، صورة لشاب يستكع خلف فتاة مكتنزة الصدر ممتلئة الردفين ويقول لها مغازلاً: "ماتيجي أعمل معاكي زي ما المجلس عمل مع الثورة؟" أقدر مدى الشعور بالإحباط لما لحق بالثورة والتواطوء القائم بين المجلس العسكري بمصر والثورة التي لا أراها أكثر من زوبعة في فنجان ولم تدم الزوبعة طويلاً حتى وقعت الثورة لقمة سائغة في يد السلفيين المتطرفين. ولكن هل تدفع المرأة في أنوثتها ثمن هذا الغيظ في صدور الرجال؟ وهل ممارسة الحب معها هي من قبيل "أعمل معاكي" أو "أعمل فيكي"؟ وماذا عن الكاما سوترا الهندية والتي تقول لنا أن الجنس شيء مشترك يعملانه معًا وليس فيه فوقية ذكورية أو دونية أنثوية؟ جنس العاشق والمعشوق كالتروس تتعاشق أم "أعمل فيكي"؟ إذا كانت لنا هذه النظرة الفجة القميئة للجنس وهكذا ننظر لبعضنا البعض في الفراش فكيف إذن ننظر لبعضنا البعض كأفراد تجمعنا معًا صفة الإنسانية المشتركة؟

في الإسلام، هو ناكح وهي منكوحة. هو واطيء وهي موطوءة إذ الجنس في الإسلام وطء وكأني هنا بمن يطأ ويدوس الحصيرة برجليه ولكن هنا يدوس على "أشياء" اسمها "إمرأة" وهل المرأة في الإسلام وهي موطوءة إلا شيء؟! هل من غرابة في تشييء البشر؟ والنظرة التشييئية؟ لذلك يسمونه "نكاح" في الإسلام، الأمر الذي يهين المرأة ويجعل منها "شيء" إذ النكاح هنا تشييء، ويا لحزن قلبي عند تشييء المحبوبة لأن هذا يختزل المرأة لمجرد فرج والرجل إلى مجرد قضيب. فعل يقع من طرف على آخر، وهو فعل استهلاكي قبيح يهين الطرف الآخر. ما الحل؟ عندما نخرج من ذواتنا وننفتح على أفق الأبدية فسوف تكون لنا عيون من فوق وترى الأمور بطهارة ونقاء لأننا نحب الآخر، الكائن الأزلي، والآخر الكائن الآخر، قريبنا، المحبوبة، إلخ. إذًا، البديل هو ممارسة الحب، لا النكاح، وأن تفيض روح الرجل ونفسه في المرأة بالكامل، أن يحل فيها بكامل عقله ووجوده، وهي بدورها تشعر باحتوائها لمن يمارس معها الحب احتواءًا كاملاً وهي بدورها تحتويه كله داخلها. هنا بات المحبوب جزءًا لا ينفصل من الحبيبة في كيانها بل قد أضحى كل كيانها. المحبة الحقيقية بلسم للنفس، وبسببها يأتي الارتواء الحقيقي، النشوة الحقيقية. ما خلا ذلك، استهلاك ذاتي. تدمير ذاتي وأقلّه فراغ وعذاب نفسي داخلي.

وكيف ننظر للحشمة؟ نحن لسنا أغبياء ونعرف أن المقصود بالحشمة دائما هو ما ينبغي على المرأة أن تفعله ليهدأ بال الرجل ويرتاح. طلب إلي أحد الإخوة الأقباط الذين أعجبوا بمقالة كنت قد كتبتها عن الأب متى المسكين باعتباره مثل أعلى لي في الكثير أن أكتب عن الحشمة؛ الحشمة في المسيحية. صراحة استغربت طلبه وظننت لوهلة أن من يكلمني هو مسلم لا قبطي. ثم تساءلت بيني وبين نفسي: وهبّ أني قمت على تلبية طلبه فماذا أكتب وماذا أقول؟ أقول يا نسوان البسوا شوال خيش عشان الأخ يستريح ولا تقوم له قائمة؟! يا حريم، ارأفوا بحال أخونا الغلبان! لكن، بجد، ما هي الحشمة في المسيحية؟ أين تبدأ؟ واين تنتهي؟ هل لها معايير مطلقة؟ هل هي أن نرسم نحن الرجال للمرأة دائرة ثم نقول لها: خليكي في هذه الدائرة حبيسة وإياكٍ أن تخرجي منها فهذا هو مكانك وإياك أن تبرحيه يا امرأة؟ كلما ذكرت كلمة "حشمة" لا أسمعها مرتبطة بالرجال بل هي مرتبطة دائما بما يمكن أن يقرره الرجل للمرأة فيحدد لها أين تبدأ حريتها وعند أي حد تقف. لذلك، كثيرًا ما كرهت أني ولدت ضمن ثقافة المجتمع العربي المتخلف عن بقية شعوب العالم. هذا مجتمع لم يصب حظًا من الإنسانية يضاهي ما أصابته بلاد أسيا أو حتى إفريقيا الفقيرة! الحشمة، كلمة تنتمي الى ثقافة معينة وتخص هذه الثقافة بذاتها، ومن ثم فهي تتبع نسقا معينا من المفاهيم السائدة لدى جماعة واسعة الامتداد، تحمل فكرا ضيقا لا يتناسب ثقافيا مع العصر الذي تعيشه شعوب الكرة الارضية. مثلاً لا يصح تعميم مفهوم الحشمة في الهند على ساكني مصر أو أميركا مثلا. في الهند من اللائق أن تظهر منطقة الحجاب الحاجز عند المرأة وهي تلبس الساري بينما في مصر ظهور ذلك "عيبة كبيرة". وفي حين ظهور الحجاب الحاجز من تحت الساري طبيعيا في الهند فالبعض الآخر منها قد يجد انتهاكًا صارخًا للحشمة إذا لبست السيدة تنورة تصل إلى الركبة. ظهور بطنها من تحت الساري والكتفين عاريين غير مثير جنسيا ولكن ظهور ركبتها مثير إثارة شديدة في الهند! هذه هي معاييرهم وهذا ما تعارفوا عليه، وكل شعب هنا على حدة. إذن الحشمة ليست ثوابت مطلقة وإنما هي أمر نسبي شأنه شأن الكثير من الأمور النسبية في حياتنا. الحل ليس في فرض قيود على المرأة فيما تلبس أو لا تلبس ولكن في أن نتغير نحن كرجال وننظر للجسد الإنساني، سواء كان جسد إمرأة أو رجل، نظرة حضارية وبعيدًا عن ذهنية العيب والعورات، فننظر إلى جسد المرأة نظرة وقار واحترام، نظرة تقدير لما أبدعه الصانع الإلهي، الفنان الكبير، في حسن صنعه والذي لا يقدر أن يضاهيه في عمله أي فنان بشري في الإبداع.

وأسأل نفسي أحيانًا: لماذا ينظر الإسلام للمرأة نظرة استهلاكية تبدأ من ما بين الفخذين؟ لماذا لا ينظر لكيانها كإمرأة؟ وما الفارق لو تزوجت امرأة بكر أو ليست بكر؟ هل نحن نتحدث عن بضاعة أم عن امرأة ذات كيان وسوف تهبني حياتها بالكامل؟ ومن قال إن المرأة البكر أفضل من غيرها؟ حتى على الصعيد الجنسي، الاتحاد الجنسي واحد ولا يدخل فيه بكر أو ثيب. ولكن للرسول رأي آخر. ولماذا يحشر الرسول أنفه فيما لا يخصه؟ سواء تزوجت أنا عذراء أو ليست عذراء ما شأنه؟ إليكم السبب لما أتحدث عنه: عندما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جابر تزوج إمراءة ليست بكراً قال له عليه الصلاة والسلام : { هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك }. متفق عليه. لو أنت امرأة مسلمة وفقدت المدعوق.. البتاع ده اللي اسمه غشاء البكارة فحتما أنت لا تستوين في نظر محمد بن عبد الله مع المرأة العذراء. والويل لكم يا أقباط و***** الشرق لو كانت لكم نفس المعايير الإسلامية المريضة!! عندها لصار تقززي مضاعفًا!

المسيحية تقول لي لا تنظر للمرأة على أنها كتلة لحم وتثير غرائزك بل هي إنسانة ومثلها مثلك وكائن بشري كامل مثلك تماما. المسيحية تقول لي أن أحترم المرأة وأنظر لها بمهابة وتقدير لا على أنها عورة. المسيحية تحظر علي أن أصدر أحكام بحق الآخرين لأن الإدانة ممنوعة بجميع الأحوال والسبب هو أني لو نظرت إلى نفسي في داخلي نظرة صادقة لوجدت أني بداخلي ذات الأشياء التي أعيب على الآخرين فيها. لذلك قال المسيح لا تدينوا لكي لا تُدانوا. إنه فرق شاسع بين المسيحية والإسلام. المسيحية هي الرقي الإنساني والذي لم ولن يصل إليه الإسلام في أي وقت من أوقات التاريخ مهما حاولوا ترقيعه وتجميله بشتى الحيل. التاريخ يثبت لنا مرة تلو الأخرى فشل الإسلام في خلق مجتمعات راقية إنسانية يحظى الناس فيها بالتعامل انطلاقًا من إنسانيتهم لا من منطق انتماءاتهم الدينية. ليس الحل، كما يقترح الأستاذ هاشم صالح، صاحب الانشقاق والانسداد وأبحاثه في التنوير العربي، أن يولد مارتن لوثر جديد لشعوب العرب كي ما ينهضها مما هي فيه من تأخر وتمزق والحل أن يولد الإنسان نفسه من جديد. شخص مصلح واحد لن ينهض بأمة إذ لا خلاص جماعي وإنما هناك خلاص أفراد يرفضون الشلل ويقومون ويحملون سريرهم ويمشون.

دعونا نستوقف أنفسنا في واقعنا المرير: إن كان هذا هو توصيف ابن خلدون والتوراة لحال العرب قديما وحديثًا فما العلاج؟ نحن الآن أمام جماعة بشرية كلما زاد تدينها وكلما انتعشت فيها الروح الإسلامية كلما زاد توحشها وإقصاؤها للآخر. ما الحل؟ الحل مع الجماعة المتوحشين هؤلاء، وهم نحن بالمناسبة، هو تبشيرهم! أعرف أنه حل رومانسي ولكن الإنجيل يبقى أفضل علاج أعرفه عن تجربة ويصلح لأي نفس بشرية على وجه الكرة الأرضية. وهذه ليست قضية أن نجعل منهم مسيحيين مثلنا كي ما يشابهونا فيرتاح بالنا لأجل التشابه والتطابق ولكن بأن يدخلوا هم في صميم الإله المحبة على أمل أن هذه المحبة توقظ الحس في أنوفهم ومصارينهم وكل باطنهم فتنعشهم من موتهم وتحييهم. من هم أكثر الناس إيلامًا للآخرين في سادية بغيضة؟ إنهم المجروحون النازفون دمًا من قلوبهم. ولكن كل نفس كبيرة بالمحبة ترى الكل على أنهم كبارًا وتفعل الخير في أهله وغير أهله كما قال الإنجيل بأن الله يشرق شمسه ويفيض بخيراته على الأبرار والفجار على حد سواء. الخير ننال منه جميعًا والمصائب تحل بنا جميعًا، ولا فرق هنا بين تقي بار أو سكير عربيد.

عندها تسألني: هل تريدني أن أترك الإسلام؟ أقول لك إن الإسلام الحقيقي مقبول كما طبّقه المسيح في طاعة مشيئة الآب والذهاب إلى الصليب. ومنذ ألفي عام، أشهر المسيح إسلامه، لا في قسم بولاق الدكرور، ولا في مركز شرطة فاقوس ولكن من على عود الصليب إذ أسلم روحه لأبيه السماوي وقال: يا أبتاه، في يديك أستودع روحي. أشهد أن لا إله إلا أنت. أنت أبي وأنا ابنك. اليوم يا أبي أتممت العمل على عود الصليب لأجل البشرية التي كنت مزمعًا أن تفديها بدمايّ. ثم قال المسيح كلمة واحدة حوت جميع المعاني: قد أُكمل، وهذا باليونانية تعني "خالص الدفع". ونشهد لك يا مسيحنا أننا لك مسلمون ونُسلم وجوهنا لك يا كلمة الله، يا من بك خلق الله السماء والأرض ويا من بك أرسل الله الرياح فتثير سحابًا فيبسطه في السماء كيف يشاء. أشهد أن لا إله إلا الله. أنت وحدك الإله الحقيقي في حياتي، والسلطان كله لك وحدك يا إلهي لأني أعلم أنه سلطان الحب ولا يحركه شيء سوى الحب. فكيف أحبك وأشرك في حبك بالأشياء والموجودات؟ لا أريد أن أشرك بك ولا أريد شريكًا لك في حياتي بل أن تصبح أنت يا رب شريك حياتي. لا تسمح بأن يفصلني عن حبك أي شيء. لا تسمح بأن أعزل نفسي عنك بل تعالى الآن واسكن قلبي بروح قدسك يا ذا الجلال والإكرام. أنت البعيد القريب وبك بات جسدي هيكل روحك القدوس. فلأنك محبة أدعوك أن تقيم في قلبي الآن وإلى الأبد. آمين يا رب العالمين.
__________________

(من يُقبل اليَّ لا أُخرجه خارجاً )( يو6: 37)
(حينئذ يسلمونكم إلى ضيق و يقتلوكم و تكونون مبغضين من جميع الأمم لأجل إسمي)
( مت 24:10 )
مسيحيو الشرق لأجل المسيح

http://mechristian.wordpress.com/
http://ibrahim-al-copti.blogspot.com/
الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف)
 
خيارات الموضوع
طريقة العرض

قوانين المشاركة
You may not post new threads
You may not post replies
You may not post attachments
You may not edit your posts

BB code is متاح
كود [IMG] متاح
كود HTML غير متاح

الإنتقال السريع

مواضيع مشابهة
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى الردود آخر مشاركة
نبيل العربي يسلم البابا رسالة شفهية من شيخ الازهر makakola المنتدى العام 1 19-05-2011 03:06 AM
تعليق للأب اليسوعي سمير خليل سمير بعنوان الربيع العربي بين الشمولية والتطرف الإسلامي makakola المنتدى العام 0 06-04-2011 05:43 AM
جامعة الدول التآمرية makakola المنتدى العام 1 05-04-2011 07:16 AM
مصادرة ثورة الشارع العربي ضد الطغاة والمستبدين makakola المنتدى العام 0 31-03-2011 07:21 AM


جميع الأوقات بتوقيت امريكا. الساعة الآن » 06:33 AM.


Powered by: vBulletin Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.

تـعـريب » منتدي الاقباط