ماذا صنعت العلمانية بأوروبا؟
ماذا صنعت العلمانية بأوروبا؟
بقلم خالد منتصر - المصرى اليوم
عندما قرأت هذا العنوان فى جريدة «الأهرام» على مقال للدكتور محمد عمارة الأسبوع الماضى، ظننت أنه سيتحدث عن التقدم العلمى والصناعى والاقتصادى الذى تشهده أوروبا، أو أنه سيتحدث عن عشرات الآلاف الذين يبتلعهم البحر وهم يفرون من جنتنا وفردوسنا العربى إلى حيث الجحيم الأوروبى العلمانى، ولكننى اندهشت حين وجدت المقال اقتباساً من كلام قسيس ألمانى فقد البيزنس والسلطة، فصب جام غضبه على النظام العلمانى فى أوروبا الذى سحب البساط من تحت قدميه.
لخص د. عمارة القضية كالعادة فى أن العلمانية نشرت أندية العراة وسمحت بالجنس وتناول أقراص منع الحمل قبل الزواج وقلصت عدد المواليد المسيحيين فى أوروبا رغم زيادة عدد مواليد المسلمين هناك، وكأن هذا انتصار مبين!!، إضافة إلى قلة عدد الكنائس وبالتالى عدد من يحضرون القداس، ولم يسأل د. عمارة نفسه: هل زيادة عدد المساجد والمصلين لدينا انعكست على أخلاقنا وضمائرنا ومعاملاتنا وإخلاصنا فى العمل والإنتاج حتى نصل إلى واحد على عشرة من قدرتهم الإنتاجية، والأهم واحد على ألف من ضميرهم اليقظ؟!، إننا أشطر الناس فى ممارسة الدين الطقوس، لكننا أفشل البشر فى احترام الدين الضمير .
العلمانية ليست ضد الدين، لكنها ضد الدولة الدينية، والمدهش أننى قرأت هذا الكلام عندما كنت طالباً فى كتاب للدكتور محمد عمارة نفسه، الذى أحتفظ فى مكتبتى بجميع ما كتب فى تلك الحقبة، لكنه محمد عمارة طبعة ٧٩ وليس طبعة ٢٠١١، الدكتور محمد عمارة الذى كان يكتب فى مجلة «الطليعة» الماركسية التى كان يرأس تحريرها قطب الماركسية لطفى الخولى!!، قرأت هذا الكلام فى كتاب عنوانه «الإسلام والسلطة الدينية»، ثمنه ثلاثون قرشاً، ومطبوع فى دار الثقافة الجديدة التى كانت تطبع وتنشر كتب لينين وتروتسكى!!، الكتاب مطبوع على ورق ردىء، وكان ممنوعاً من دخول السعودية قبل أن تصبح طبعات كتب الدكتور عمارة مذهبة ومجلدة وعلى رفوف أرقى مكتبات الجزيرة العربية، سأنقل لكم المكتوب فى صفحة ٩٣ و٩٤ عن رأى د. عمارة فى العلمانية ولكنه بالطبع د. عمارة طبعة ٧٩.
يقول د. عمارة : «الإسلام لا يقر السلطة الدينية، بل هو كما يقول الإمام محمد عبده ينكرها ويدعو إلى رفضها، بل يهدمها من الأساس، فإذا كانت العلمانية فى أوروبا هى موقف ضد دينهم كما فسرته الكنيسة ، فهى عندنا الحقيقة المعبرة عن نقاء الموقف الإسلامى فى هذا الموضوع، فمسيحية أوروبا حاربت العلمانية لأنها ضدها، أما إسلامنا فإنه علمانى!! (علامات التعجب من عندى) لأنه ينكر السلطة الدينية التى تجعل لنفر من البشر سلطاناً اختص به المولى سبحانه ورسله عليهم الصلاة والسلام، ومن هنا فإن الدعوة إلى فصل الدين عن الدولة، والسياسة قد جاءت فى مناخ وواقع وتراث كانت فيه وحدة واتحاد بين الدين والسياسة، ولم يكن هذا مناخنا الصحى ولا واقعنا المشرق ولا تراثنا النقى فى يوم من الأيام، ومن ثم فإن مصطلح العلمانية لا يمثل عدواناً على ديننا، ولا انتقاصاً من إسلامنا، بل على العكس يمثل العودة بديننا الحنيف إلى موقفه الأصيل وموقعه المتميز فى هذا الميدان».
info@khaledmontaser.com
__________________
(( افتحي يا كنيسه زراعك لكل متنصر جذبه المسيح اليه .. احتضنيه و اعترفي به فهو ابن لك و انت ام له ))
((فأنت الصدر الحنون له في محيط المخاطر و الكراهيه و الظلم و الارهاب الذي يتربص به ))
|