عرض مشاركة مفردة
  #4  
قديم 11-05-2006
copticdome
GUST
 
المشاركات: n/a
http://www.akhbarelyom.org.eg/nogoom.../710/0901.html


أوراق شخصية:
مؤامرة علي المسيح !


بقلم : آمال عثمان
E-mail: amalosman 23@yahoo.com



[SIZE="5"]الفارق شاسع بين الاجتهاد وحرية البحث والتفكير.. وبين العبث والزيف وخلط الاوراق بالأكاذيب.. ومهما إتسعت مساحات الحرية وجنحت سهام الخيالات.. فهناك حدود شائكة.. ومناطق ملغومة.. لابد أن تتهادي عندها الخطوات.. وتتراجع أمامها شطحات العقول .. ويتوقف عندها عبث الهواه المغامرين الممسوسين بجنون الشهرة وعبادة المال، ويرتفع عندها سوط التاريخ!
وطوال سنوات رحلتي مع صاحبة الجلالة لم تخلو من لقاءات وحوارات مع بعض هؤلاء المغامرين والمتحذلقين الباحثين عن الشهرة بأي ثمن.. منهم من إدعي البحث عن الكنز المدفون تحت أقدام تمثال أبو الهول حارس مصر الامين عبر الزمن.. ومنهم من زعم وجود وثائق تركتها كائنات جاءت من الفضاء لتبني أهرامات مصر الخالدة!
ومنهم من توهم أن المصريين القدماء عبروا المحيط الهاديء لجلب مواد التحنيط من القارة الأمريكية .. وهناك أيضا من سولت له شياطين أفكاره وضع رأس الملكه الجميلة نفرتيتي علي جسد إمرأة عارية!
أما أن تقود شطحات الأكاذيب وجموح الخيال هؤلاء ليلبسوا الحق بالباطل، ويعبثوا بالتاريخ والأديان، ويدخلوا الأنبياء بيوت الفراعنه زورا وبهتانا، ويتحول الحكيم 'يويا' إلي النبي يوسف العبراني، ويرتدي الملك المصري 'أخناتون' ثياب النبي موسي عليه السلام، ويتدثر الفرعون الصغير توت عنخ أمون برداء المسيح عيسي بن مريم عليه السلام ويتمادون في مزاعمهم إلي أن تحتمس الثالث هو النبي داود!
فإن ذلك ولاشك تخاريف ترقي إلي قمة التضليل والتهريج .. وذروة العبث بالعلم والدين والتاريخ، واللعب بالنار في الارض المحرمة!
أقول هذا علي ضوء ما طالعته عبر وسائل الإعلام عن حضور المنتج الهوليودي 'جون هايمن' إلي مصر للاتفاق مع الفنانة اسعاد يونس علي المشاركة في إنتاج فيلم عن السيد المسيح عليه السلام .. دون أن تظهر فيه شخصيته علي الشاشه .. القصه مأخوذه عن كتاب 'المسيح في بيت الفراعنة' لمؤلف مصري مقيم في بريطانيا يدعي أحمد عثمان وهو الكاتب الذي إستثمر ولع الاجانب بالحضارة المصرية وما يلفها من غموض وأسرار وأصدر عدة كتب مفعمة بالمغالطات والأكاذيب التاريخية التي تروج للأساطير الصهيونية ومزاعم بعض الجماعات اليهودية التي تربط بين ملوك الفراعنة، وبني إسرائيل وتدعي أن اليهود هم أصل الحضارة الفرعونيه!
وما يدهشني حقا.. ان السيد أحمد عثمان الذي إحترف إشعال نيران المعارك وإثارة الزوابع بأفكاره الغريبه الجامحه التي لا تستند إلي أي أدله أثرية علميه أو حقائق تاريخية موثقة.. لم يكن يوما من علماء المصريات ولم يكن له أي صلة من بعيد أو قريب بدراسة التاريخ أو الأثار أو الأديان.. ولكن آراءه ومؤلفاته كلها قائمة علي إجتهادات شخصيه مستقاة من قراءاته وإنطباعاته.. وأحداث ووقائع مؤلفاته منتقاه من وحي معتقداته وبنات أفكاره!
ومع ذلك يحسب نفسه باحثا في التاريخ بغير وجه حق، ولا يتورع عن إتهام معارضيه من علماء الآثار بالجهل!
ومن عجب العجاب أن آخر ماتفتق عنه ذهنه.. عدم الاكتفاء بترويج أفكاره ومزاعمه عبر سطور الكتب وصفحات الجرائد التي تفتح له الطريق لتلك المعتقدات والأراء المضللة، لكنه إخترق مجالا جديدا أوسع إنتشارا وأكثر تأثيرا يؤهله لنقل أوهامه، ومزاعمه من الكتب والصحف إلي الشاشه الفضية، مستغلا عشق هوليود لقصص وحكايات ملوك التاريخ الفرعوني، ولهفة المصريين علي جذب صناعة السينما العالمية إلي وطنهم بعد غياب، وسعيهم لتصحيح أخطاء الماضي التي أدت الي إغلاق الباب في وجه السينمائيين العالميين لسنوات طويلة.
وها هو ينجح في الخطوه الأولي علي طريق السينما بفيلم 'نفرتيتي' الذي رأي البعض أنه سيكون بابا خلفيا لترويج معتقدات أحمد عثمان التي تزعم أن الملك 'اخناتون' زوج الملكة 'نفرتيتي' هو نفسه النبي موسي الذي ورد ذكره في التوراه والانجيل والقرآن .. لكن أحمد عثمان واجه تلك المخاوف بالقول ..ان الفيلم لم يتضمن أي ذكر لموسي أو اليهود وطالب بالانتظار حتي الانتهاء من كتابة السيناريو، ورغم أن هذا الإدعاء * بالطبع * مشكوك في صحته ومصداقيته لكن الاعتراضات إستكانت وخمدت ومخاوف التشويه هدأت .. حتي إشعار آخر!
ولاحت في الافق خطوته التاليه في غزو الشاشة الكبيره بأفكاره من خلال فيلم 'المسيح في بيت الفراعنه' الذي يحاول أن يصطاد به في الماء العكر، مستثمرا الضجة الكبري التي أثيرت حول فيلم المسيح لصالحه .. ذلك الفيلم الذي كانت تستعد إسعاد يونس لانتاجه.
إذا كانت إسعاد يونس تعتقد أنها بهذه القصة التي نسج فصولها أحمد عثمان تعالج قضية ظهور السيد المسيح علي الشاشة، تلك القضية التي أثارت ضجه كبري في الايام الماضية وكانت حجر عثرة أمام خروج السيناريو الذي كتبه فايز غالي إلي النور فإنها * ولاشك * ستواجه أزمه أكبر وأشد وطأه. والسؤال الآن .. هل تدرك إسعاد يونس أنها اختارت قصة فيلم لا تشوه التاريخ فحسب ..بل تشوه الدين أيضا.. وهل تدرك أن تلك القصة تزعم أن المسيح بن مريم هو الفرعون الصغير توت عنخ أمون الذي رحل قبل أن يكمل العشرين من عمره؟!
أحسب أن يستوحي الكاتب حكاياته من جوف التاريخ ويستلهم من سطور الكتب المقدسة رواية خياليه أو حتي قصه بوليسية.. فالتاريخ ثري بحكاياته والكتب المقدسة حافلة بقصص الأنبياء والصالحين والطالحين من البشر.
ولكن مالا يمكن قبوله.. أن يتعامل الكاتب مع التاريخ والأديان بإعتبارهما مادة للهو والعبث والزيف ويجعل من أنبياء الله ورسله الذين تبجلهم كل الأديان السماوية شخصيات تاريخية، وملوك من العصر الفرعوني لهم خطاياهم وشطحاتهم ومعتقداتهم التي لا تتناسب مع مكانة هؤلاء الرسل الذين إصطفاهم الله من دون سائر البشر لحمل دعوته ونشر رسالته .
إن هناك حكمه إلهية في عدم البوح بأسماء الفراعنه الذين إكتفي القرآن الكريم بالاشارة إليهم في قصص الأنبياء دون ذكر أسمائهم فلا يعرف أحد اسم الفرعون الذي تربي موسي في قصره بعد أن وضعته أمه في اليم وإتخذته زوجة الفرعون ولدا لها، ولا أحد يعلم حقيقة شخصية فرعون الخروج ولا الفرعون الذي حلم بسبع بقرات عجاف يأكلن سبع بقرات سمان، برغم أن آسيا زوجة الفرعون التي تكفلت بتربية موسي وزليخه زوجة الفرعون التي اغوت سيدنا يوسف ذكرتا بالاسم في التاريخ والكتب المقدسة!
إنني لست من أنصار نظرية المؤامرة ولكنني أعتبر أن الاقدام علي مثل هذه الخطوة لصنع تلك النوعية من الأفلام يعد وثيقة إدانه * لكل من شارك فيها * واغتصابا لحقائق التاريخ، وإن كنت أدرك تماما مدي وطنية الفنانة إسعاد يونس ولا يساورني أدني شك في إتساع رؤيتها وثقافتها وفكرها المستنير.. وكلي ثقه في أنها لن تشارك في مثل هذا الزيف الذي ينسج خيوطه، ويرمي بشباكه الخبيثه شخص يسعي لمصادرة عقولنا، والحجر علي حقائق الدين والتاريخ .. هوايته المفضله تشويه صورة رسل السماء وخلط أوراق التاريخ وإعادة كتابة أحداثه باملاءات من الوحي الذي نزل عليه بمقر إقامته بالعاصمة البريطانية لندن في هبوط إضطراري![/SIZE
الرد مع إقتباس