وفي البرلمان المصري أعلن 115 نائبا بالبرلمان المصري رفضهم لتصريحات البابا. أليس هم نفس النواب الذين طالبوا في البرلمان بعدم الاعتراف بالبهائية؟ أما في بيروت ( فقد رد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني على كلام البابا. ورأى ان ادعاء نشر الدين بالسيف يصدر عن جهل، او يقصد تشويه حقيقة الدين الاسلامي.) فإذاً نستطيع أن نقول إن الطبري وابن القيم الجوزية وبن باز كانوا من الجهلاء لأنهم قالوا إن الإسلام انتشر بحد السيف.
وكرر نفس المفتي قباني أمس بياناً قال فيه: (إن ما صدر عن البابا بنديكت السادس عشر في محاضرته اخيراً ان تعاليم الإسلام لا تخضع لإعمال العقل، وان الفكر الإسلامي يرفض العمل بما ينسجم مع العقل، كما أن قوله ان الإسلام قد انتشر بحد السيف، كله غير صحيح بنصوص القرآن والسنةَ )
فدعونا نقرأ ما قاله ابن قيم الجوزية عن احترام العقل في الإسلام، قال: ( فإذا تعارض النقل وهذه العقول أخذ بالنقل الصحيح، ورمي بهذه العقول تحت الأقدام، وحطت حيث حطها الله وأصحابها ) (مختصر الصواعق المرسلة ص82-83 اختصار الموصلي). ويقول عبد الرحمن الوكيل: ( والداعون إلى تمجيد العقل، إنما هم في الحقيقة يدعون إلى تمجيد صنم سموه عقلاً، وما كان العقل وحده كافياً في الهداية والإرشاد، وإلا لما أرسل الله الرسل ) (مقدمة كتاب: موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول 1/21، نقلاً عن المشابهة بين المعتزلة الأوائل والمعتزلة الجدد، إعداد فؤاد بن عبد العزيز الشلهوب).
وتصرفات المسلمين في جميع أنحاء العالم توحي بدوس العقول تحت الأقدام. فقد رأينا قبل عدة شهور عندما نشرت الصجيفة الدنماركية الرسوم الكاريكاتيرية عن النبي، أعطى المسلمون عقولهم إجازة طويلة المدى وجابوا الطرقات يحرقون ويدمرون الكنائس في بلادهم انتقاماً من الدنمارك، وكأنما حرق كنيسة في بغداد سوف يضير الدنمارك. والآن يتكرر نفس الشيء في غزة ونابلس وغيرها من بلاد المسلمبن، فقد سادت مدينة نابلس شمال الضفة الغربية اعمال شغب وتظاهره كبيرة رداً على تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر التي اثارت مشاعرجميع المسلمين في كافة ارجاء العالم ، حيث قام مسلحون بعد الظهر بإقتحام كنيسة كاثوليكية في حي الرافدية بعد ان اضرموا النار ببوابتها، في الوقت الذي أكدت فيه ذكرت مصادر امنية فلسطينية ان زجاجتي مولوتوف القيتا صباح اليوم السبت على كنيستين في نابلس من دون ان يتسبب الامر بضحايا او اضرار، فيما فتح مسلحون النار على كنيسة ثالثة خالية من المصلين. وهذا هو الحادث الثاني الذي يستهدف كنائس في الأراضي الفلسطينية، بعد أن شهدت غزة يوم أمس إلقاء قنبلة يدوية وثلاث عبوات ناسفة على جدار اقدم كنيسة للروم الارثوذكس في غزة دون ان يسجل سقوط ضحايا، اثر تصريحات البابا بنديكتوس السادس عشر حول الاسلام. (هنادي إبراهيم، إيلاف 16 سبتمبر 2006).
لماذا لا يحترم المسلمون عقولهم ودينهم ويردون على البابا في المحافل الدولية ووسائل الإعلام المختلفة رداً مدعماً بالمصادر يُثبت خطأ البابا، إن كان مخطئاً، بدل هذه المظاهرات الغوغائية التي تُثبت ما قاله البابا عن العنف في الإسلام وعدم احترام العقل.
والغريب أن الدكتور حامد الرفاعي رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار لمّح بإعادة النظر في اتفاقية الحوار مع الفاتيكان في حال عدم الاعتذار باعتبار التصريحات المتطرفة تهدم وتنسف الجهود الايجابية التي بذلت منذ ربع قرن ونيف في سبيل تأصيل وبناء ثقافة الحوار والتعايش بين المجتمعات من خلال الحوار ما بين المنتدى الإسلامي العالمي للحوار وبين المجلس البابوي للحوار بين الأديان الفاتيكان.(الشرق الأوسط 17 سبتمبر 2006). فهل هناك حقاً حوارٌ بين الأديان والقرآن لا يعترف بأي دين غير الإسلام "ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين" (آل عمران، 85). "إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين" (البقرة 161). وهل يستطيع رئيس المنتدى الإسلامي أن يشرح لنا النتائج الإجابية التي تمخض عنها حوارهم مع الفتيكان على مدى ربع قرن من الزمان؟ ثم أن الدولة السعودية التي ظلت تحاور الفاتيكان على مدي أربعين عاماً لا تسمح حتى الآن ببناء كنيسة في المملكة ولا تسمح لغير المسلمين بدخول مكة أو المدينة. فما فائدة الحوار مع أديان لا يعترف المسلمون بها أصلاً؟
وقد قال بعض الكتاب إن البابا قد أخطأ لأنه رئيس الكنيسة الكاثوليكية وليس فقط أستاذاً في الثيولوجي. ولكني لا أعتقد أنه أخطأ فيما قال لأننا يجب أن نحكم على الأديان بممارسات وفهم أتباعها لها. فإذا كان فهم الغالبية العظمى من المسلمين لدينهم يجيز لهم الإرهاب والقتل والدمار وذبح الآخر المختلف دون أي شجب من فقهائهم، فلا فائدة تُرجى من ترديد آيات مثل "لا إكراه في الدين" لأن المسلمين يقولون إن مثل هذه الآيات منسوخ. ويجب على البابا بصفته رئيس الكنيسة الكاثوليكية قول الحق مما كانت العواقب
__________________
فليتك تحلو والحياة مريرة___ وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر__ وبيني وبين العالمين خراب
|