اليوتا فن قبطي يعبر عن
جوهر العقيدة المسيحية
كان للفنان القبطي معتقداته ورؤيته الخاصة التي اكتسبها من المسيحية فجنح إلي أسلوب الرمزية والتورية التي حملته علي البحث في القيم الروحية علي طريقته الخاصة متجنبا كل عوامل البذخ الفني فاقتبس الكثير من العناصر التي اشتقها من الحضارات التي عاصرها واحتك بها مضيفا إليها فكرا جديدا يتفق وعقيدته ومثاليته وخلع عن فنونه التي اتسمت بالوظيفية مسحة فنية مميزة لطبيعته وكانت الفترة الواقعة بين القرنين الرابع والسابع هي الفترة الذهبية للفنون القبطية.
وفن اليوتا..هو أحد فروع الفن القبطي غير المعروف واليوتا هو حرف من حروف اللغة القبطية وأول حرف في اسم يسوع وصليب اليوتا هو الوحدة الأساسية في هذا الفن.
استخدم الفنان القبطي حرف اليوتا في إنتاج أشكال جميلة من الصلبان المجدولة والمضفرة والتي تتكون من حروف اليوتا المتشابكة بأشكال متنوعة في اتجاهات ومسارات متعددة متشعبة في منتهي الدقة لتعطي في النهاية أشكال صلبان مبهرة استخدمها الفنان في زخرفة المخطوطات القبطية والبراويز واللوحات.
يتميز هذا الفن بالدقة ولابد للفنان الذي يعمل فيه أن يكون يقظا وصبورا ومن الفضائل التي يكتسبها الراسم لهذا الفن الصبر والانشغال باسم ربنا يسوع وصليبه حتي أي سهو بسيط قد يضطره إلي إعادة الرسم فاتجاهات اليوتا ومساراتها هي التي تحدد الشكل...ونلاحظ أن اليوتات الطرفية ذات نهايات مثلثة إشارة إلي الثالوث المقدس.
وتوجد مدرستان لهذا الفن هما مدرسة اليوتا المربعة وهو الاتجاه الشائع والثانية مدرسة اليوتا المستطيلة,يستخدم الفنان في هذا الفن الدقيق أكثر من تقنية منها استخدامه للخطوط المزدوجة أو التداخل بين الحروف وبعضها الاتصال المشترك في أكثر من حرف بزخرفة مشتركة,ومن الشائع أيضا في رسم اليوتا استخدام النقط الملونة والزوائد المبالغة في رسم الحروف حتي تكون مساحات مفتوحة أو مغلقة ويستخدم فيه الفنان الاحتواء وهو نوع من التداخل بين الحروف بمساحات مختلفة.
ولفن اليوتا قاعدة في التلوين إذ أنه غير أي فن ليس متروكا في تلوينه لرؤي الفنان لأنه فن يعبر بالدرجة الأولي عن العقيدة المسيحية لذا فهناك أولويات في ترتيب كل لون فكل لون, يحمل رمزا ورسالة وتتكون القاعدة اللونية لفن اليوتا...أولا باللون الأحمر وهو الجدلة الأساسية دائري حول الصليب لأن ذبيحة الصليب فداء العالم كله وثانيا اللون الأخضر ويكون في رؤوس الصليب لأن يسوع هو رئيس السلام كما يرمز اللون الأخضر للحياة والسلام وثالثا اللون الأصفر في الأشعة الخارجة من الصليب من مركز الصليب والهالة المحيطة بالصليب لأن السيد المسيح هو نور العالم ولأن الصليب هو المنارة التي أوقد عليها مخلصنا ورابعا اللون الأسود ويستخدم فقط في تحديد الصليب وهو إشارة لأن ربنا يسوع حمل أحزاننا وخطايانا المظلمة واللون الأسود لا يستخدم إلا في رسم الشكل الخارجي فقط تحديد الصليب وخامسا اللون الأبيض أي الأرضية وهي الأجزاء التي لا تلون الصليب الكبير الرئيسي وقلب اليوتات.
وللألوان ترتيب فيبدأ الفنان القبطي في فن اليوتا بالتلوين من اللون الفاتح إلي اللون القاتم حتي إذا حدث خطأ يمكن علاجه فيبدأ بالون الأصفر ثم الأخضر ثم الأحمر.
ومن الأماكن التي عثر فيها علي نماذج من هذا الفن كنيسة القديس أبو فانا بدير أبو فانا بملوي وهي من القرن السادس الميلادي وتوجد بعض النقوش الأخري بالكنيسة الأقدم بنفس المنطقة ترجع إلي القرن الخامس الميلادي وبدير الديك في منطقة ملوي ويوجد في أرضية الكنيسة الشرقية بمنطقة دير مارمينا الأثري بمريوط بعض النقوش لصلبان من هذا الفن وكذلك تم الكشف عن بعض النقوش بالساحل الغربي للإسكندرية وترجع إلي القرن الخامس.
ومن القلائل المهتمين بفن اليوتا الأنبا مكاريوس الثالث والبابا الأنبا كيرلس الخامس حيث بلغ شغفه بهذا الفن إنه كان يرسم أحيانا لوحات ضخمة يفرشها علي الأرض ليرسمها باتضاع وجلد عظيم وكان يلقب قبل رسامته بطريركا بيوحنا الناسخ,ومن الحاليين المهتمين بهذا الفن نيافة الأنبا ديمتريوس أسقف ملوي والذي أعد كتابا خاصا عن تاريخ فن اليوتا.
وفي النهاية تبقي لنا كلمة ..فقد يعتقد البعض أن هذا الفن يتسم بالمحدودية ولكنه علي العكس لم يقف عند حد الأشكال المعروفة فهي وحدة فنية مستقلة بذاتها مثل كلمة جميلة ذات معني أصيل يمكن إدراجها في جمل وعبارات لاحصر لها.
http://www.wataninet.com/article_ar.asp?ArticleID=9804
heart heart heart heart heart