عرض مشاركة مفردة
  #8  
قديم 30-10-2006
boulos boulos غير متصل
Gold User
 
تاريخ التّسجيل: May 2006
المشاركات: 1,586
boulos is on a distinguished road
تابع....

لقد ذبح القس بولس اسكندر بالسيف في العراق في القرن الحادي والعشرين لرفضه تغيير عقيدته. ورغم أن ذبح رجل الدين العراقي ليس الحالة الأولى أو الأخيرة في التاريخ لذبح مسيحيين على أيدي متطرفين مسلمين، إلا أن قضية القس اسكندر تتفرد عن غيرها من الحالات الأخرى لأنها تجيء في الوقت الذي هاج فيه العالم الإسلامي هوجته الشهيرة اعتراضاً على اقتباس البابا بينيديكت السادس عشر لمقولة الإمبراطور البيزنطي التي ربطت انتشار الإسلام بالعنف. الغريب والعجيب والمقزز في الوقت نفسه أن نخبة كبيرة وقائمة طويلة من المتأسلمين برفضهم القاطع لنظرية استخدام العنف والسيف والحروب والغزوات في نشر الإسلام ليس فقط يزيفون التاريخ وإنما يتجاهلون وينكرون الاضطهاد الحالي الواقع على المسيحيين في معظم دول العالم الإسلامي. ولكن إلى هؤلاء أقول ما حاجتنا بعد إلى دليل تاريخي على استخدام العنف للتخلص من غير المسلمين، فالحاضر الذي نعيشه ربما تشهد أحداثه المؤسفة على ذلك! من المؤسف أن محاولات تجميل التاريخ والحاضر الأسلامي تجيء لتنتقص من الحقوق الأدبية والمعنوية والحيوية للمسيحيين. فلقد أخطأت بعض الشخصيات التاريخية الإسلامية منذ القرن السابع الميلادي حين استخدمت، في كثير من الحالات، العنف والترهيب والزكاة لتوحيد العقيدة في الدول الإسلامية. لم يكن المتأسلمون الناكرون للحقائق والواقع بحاجة لتزييف التاريخ للدفاع عن الإسلام أولاً لأن التاريخ لا ينسخ مهما حاولوا تجميله، وثانياً لأن أخطاء الشخصيات التاريخية ربما كانت شخصية لا علاقة لها بالعقيدة الإسلامية، وثالثاً لأن معظم أتباع الديانات ارتكبوا حماقات ضد الإنسانية عبر التاريخ وكان الاعتذار عن هذه الحماقات سبيلهم للاندماج في الحضارة الحديثة. ومن ثم فقد كان المتأسلمون المتطرفون بحاجة ماسة لا لتزييف التاريخ، ولكن لتنقية عقلياتهم وعقليات أتباعهم من الأفكار الهدامة التي تلغي العقل وتحرم حرية العقيدة وتمنع المساواة بين أفراد المجتمع الإنساني بدلاً من إنكار التاريخ.

الكارثة التي تزيد من إحباطات المسيحيين العراقيين وتزيد من أوضاعهم سوءاً وتعقيداً هي رفض الجميع مد يد المساعدة لهم، بل ورفض العديد من القوى الفاعلة الاعتراف بالمأزق الذي يعيشونه في وطنهم الذي عاشوا به قرون طويلة قبل الفتح العربي. ولكن إن لم يكن الأمر بالخطورة التي تدفعنا للقلق على مصير المسيحيين في العراق، وإن كانت كل الشكوك في نوايا الإسلاميين هي مجرد أوهام كما لا يزال يظن البعض، فما الذي يتعرض له المسيحيون في العراق؟ ولماذا هاجر أو هجر مئات الألاف منهم إلى كردستان وسوريا والأردن في الشهور القليلة الماضية؟ لا شك في أن الأوضاع الامنية في العراق تدعو ليس فقط للقلق ولكن أيضاً للخجل بعدما أثبتت بعض الفصائل العراقية والمتعرقنة، لا جميعها، عدم جدوى الديمقراطية مع الشعوب العربية والإسلامية. ولا شك في أن فشل الحكومة العراقية والقوات الأمريكية في الإمساك بزمام الأمورسيضاعف من تدهور الأمور في العراق وسيزيد من مشاكل الأقلية المسيحية تعقيداً. لقد خرج الأمر عن سيطرة القوات الأمريكية والحكومة العراقية، وأصبحت الفصائل البريئة من الشعب العراقي ومنها الأقلية المسيحية فريسة سهلة للإرهابيين البعثيين أو الإسلاميين العراقيين أو القادمين من الخارج. لا يبدو في الأفق أي أمل في حل للمسألة العراقية، ولذا لا يبدو في الأفق أيضاً أي أمل في حل لمسألة المسيحيين العراقيين طالما قتلت الضمائر وانتفت العقول وتحكمت لغة السيف والعنف والإرهاب في مصائر الأبرياء. لكم الله يا مسيحيو العراق. وإن كان الله معكم فمن إذن يكون عليكم. ومهما كانت الشدائد والضيقات والاضطهادات فلن تنجح مخططات استئصال المسيحيين من بلاد الرافدين.
جـوزيـف بـشــارة
عن ايلاف
http://www.copts-united.com/sca/sca1..._from=&ucat=7&
الرد مع إقتباس