أظافر الجهاز الأمني
عملية الإصلاح المرجوة مرهونة بتقليم أظافر الجهاز الأمني الذي نجح في إلصاق ضفةالدولة البوليسية بنظام الحكم في مصر,وذلك يتطلب إلغاء حالة الطوارئ وكبح جماح السلطة الأمنية في تجاوز القانون وإخضاعها للرقابة والمساءلة,ومن أمثلة ذلك خلال عام 2006 ما شهدته قرية العديسات بالأقصر في مطلع العام من اعتداء غوغائي علي الكنيسة والأقباط في الناحية وممتلكاتهم في ظل تحريض وتواطؤ وتقاعس أمني خطير.أيضا تفجيراتدهب بجنوب سيناء في أبريل الماضي وما تبعها من اندفاع أمني أهوج للبحث عن الجناة تحول إلي بطش هستيري بسكان سيناء يرقي إلي مستوي العقاب الجماعي.وتزامن ذلك مع أحداث كنائس الإسكندرية في ذات الشهر والتي اتهم فيها من وصف بأنه مختل عقليا.لكنها فضحت واقعا مؤسفا مسكوتا عنه من الأجهزة الأمنية في الإسكندرية وهو النمو المخيف للتيارات الدينية الأصولية المتطرفة وخاصة طوال العقدين الماضيين في العشوائيات السكنية الطفيلية جنوب المدينة...ولعل هذا الملف بالتحديد أحمله معي إلي العام الجديد,بالرغم من اعتقاد الكثيرين أنه تم إغلاقه,لأنه يبقي أمر جاري التعتيم عليه ومحاولة تمريرهبالحفظ وهو تقرير لجنة تقصي الحقائق التي كلفها مجلس الشعب بالذهاب إلي الإسكندرية لرصد أسباب المشكلة والتوصية بكيفية علاجها,والغريب أن اللجنة لم تذهب واكتفت ببعض الاحتجاجات الهزيلة التي عقدتها في القاهرة ولم تقدم للمجلس أي تقرير,الأمر الذي دعاني للتساؤل في يوليو الماضي عن التقرير الذي يعرض هيبة المجلس للاهتزاز باستمرار غيابه.ويستمر مسلسل التجاوزات الأمنية في أحداث متتابعة خلال الانتخابات والتظاهرات إلي أن نصل إلي سبتمبر وأكتوبر الماضيين لتصفعنا واقعتنان تؤكدان ملامح الدولة البوليسية التي نعيش فيها:الأولي واقعة اعتداء ضابط شرطة في نقطة مرور بطريق الزعفرانة اعتداء وحشيا علي أحد المواطنين الأبرياء,وقد بادر وزير الداخلية بتقديم الضابط إلي المحاكمة.العسكرية ولكن يبقي إعلان ما تم في تلك المحاكمة,والواقعة الثانية كانت إعلان حيثيات حكم محكمة الجنايات في جريمة مذبحة بني مزار التي راح ضحيتها عشرة من الرجال والنساء والأطفال,حيث حكمت المحكمة ببراءة المتهم الذي قدمته الأجهزة الأمنية وأجهزة التحقيق للعدالة,واستنكرت المحكمة الأساليب الأمنية المتبعة مع المتهم في التعذيب والإكراه علي الاعترافات المخالفة للحقيقة وتقديم الأدلة الواهية غير الدامغة.
** حفل العام بشكاوي مستمرة من المواطنين المسيحيين ومعاناتهم مع مصلحة الأحوال المدنية بخصوص ملابسات استخراج شهادات الميلاد المطورة بالكمبيوتر وبطاقات الرقم القومي حيث تكررت البيانات الخاطئة سواء في الأسماء أو الأجناس أو الديانة,وصحيح أن المصلحة كانت تبادر بتصحيح البيانات الخاطئة الخاصة بالحالات المنشور عنها,لكن يبقي طابور طويل ينتظر النشر عنه,كما يبقي تساؤل مرير عن حال من لم يستطع النشر عن مشكلته...وفوق هذا وذاك تبقي الكارثة التي نشرنا عنها في يونية الماضي وكانت بمثابة سقطة غير مسبوقة للمصلحة حين أحالت مواطنا مسيحيا إلي القضاء متهما بالتزوير في أوراقه لأنه أصر علي ديانته المسيحية,الأمر الذي انتهي بإرسال هذا المواطن إلي السجن لمدة ستة شهور في نوفمبر الماضي.
** تستمر معاناة الأقباط علي وجه الخصوص مع الأجهزة الأمنية بتسلط تلك الأجهزة علي مقدرات دور العبادة-الكنائس والمرافق التابعة لها- بالرغم من صدور القرارات الجمهورية التي تنص علي التيسير في هذا الخصوص,الأمر الذي لايبقي فيه إلا الأمل في أن يشهد العام المقبل إصدارالقانون الموحد لبناء دور العبادة في صورته التي تكفل العدالة والمساواة بين المصريين والتي ترفع قبضة الأجهزة الأمنية تماما عن ملف دور العبادة.
** آخر حلقات معاناة الأقباط مع السلطات الأمنية كان ما تفجر في أكتوبر الماضي من معلومات مؤداها إلغاء وزارة الداخلية-من جانب واحد- لجلسات النصح والإرشاد التي جري العرف علي عقدها في حالات الرغبة في تغيير العقيدة الدينية,وكانت تلك الجلسات التي يشترك فيها رجل الدين مع الأسرة تعمل علي فحص الحالة بتأن مع رصد أسباب الرغبة في تغيير العقيدة للتحقق من صدق تلك الرغبة وأنها غير نابعة من محاولة الهروب من مشكلة مادية أو أسرية,فكانت تلك الجلسات بمثابة صمام أمان يحمي من الآثار القاسية التي تترتب علي تغيير العقيدة أسريا ومجتمعيا...والآن هذا ملف نحمله معنا إلي العام المقبل,ولعل البوادر لاتنبئ بعزم وزارة الداخلية علي إعادة النظر فيما قررته من إلغاء هذه الجلسات,وبالتالي فإنه قد يكون من المناسب النظر في أن يتولي مجلس محايد مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان-باعتباره معنيا بحقوق الإنسان وحرياته- ملف فحص ومراجعة حالات تغيير العقيدة بعيدا عما شابها من تسلط وبطش أمني.
|