عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 08-12-2007
الصورة الرمزية لـ abomeret
abomeret abomeret غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 2,345
abomeret is on a distinguished road
جنسية مين يازلابية ؟

جنسية مين يازلابية ؟

بقلم لميس جابر ٨/١٢/٢٠٠٧
تعجبت كثيرًا من الخبر الذي يقول إن مجلس الشعب سوف يمرر قانوناً - وبالأغلبية الموافقة طبعًا - بحرمان الشباب المصري الذي هاجر إلي إسرائيل من الجنسية المصرية.. وضحكت بمرارة من الحنجوري الذي صاح وهلل وخطب في الوطنية المهانة والانتماء المسحوق، وطالب بعقاب هؤلاء الشباب الخونة بسحب الجنسية المصرية منهم فورًا جزاء لهم علي الهجرة إلي أرض الأعداء والزواج من الفتيات اليهوديات.

وسبب التعجب والضحك والمرارة التي أصابتني أن هذا القرار العنيف القاطع المانع لن يؤثر علي هؤلاء الشباب وعائلاتهم في أي شيء «ولا هاتفرق معاهم»، وسوف يدخلون مصر آمنين وبالباسبور الإسرائيلي وسيتم التعامل معهم بكل احترام وربما أحسن كثيرًا من التعامل مع أمثالي من المصريين حفاظًا علي العلاقات القائمة بين البلدين.

لماذا نتعامل مع هذه الأمور بكل هذه السطحية وبكل هذه الجعجعة الفارغة، ونسرع ونصيح بالإدانة والاتهام بالخيانة والعمالة وانعدام الوطنية، بينما الدولة نفسها في علاقات دائمة لطيفة جدًا مع إسرائيل، وما يسمي بالتطبيع شغال في كل المجالات، رغم حنجوري النقابات والمهرجانات ومعرض الكتاب والذي منه.

الدولة تصدر لإسرائيل الغاز الطبيعي، ورجال الأعمال المصريون شغالين مع أشقائهم في إسرائيل الله ينور، والبضاعة الإسرائيلية مغرقة الأسواق وإن كانت لا تحمل كلمة «صنع في إسرائيل» إلا أن الجميع يعرفها ويعرف أيضًا أن شركات كبيرة في إسرائيل قد قامت بعمل دمج مع شركات عالمية كبري من أجل هذا الهدف.. السياحة الإسرائيلية في أنحاء مصر منتعشة ومتواصلة طوال العام، وجميع الدول العربية تتعامل مع إسرائيل،

ولكن في الخباثة، حتي إذا حدثت مشاجرات بين الزعماء عاير كل منهم الآخر بأنه يتعامل مع إسرائيل، والأدهي من كل هذا أن أكثر المتعاملين مع الإسرائيليين هم الفلسطينيون أنفسهم، وإذا أراد أي فرد أن يعرف هذه العلاقة الحميمة عليه أن يخطف رجله إلي العريش ويسأل، كما سألت أنا يومًا أهل العريش، تجدهم يقولون بكل الفخر أن أيام الاحتلال من ١٩٦٧ إلي ١٩٧٣ كانت أفضل كثيرًا، وأهل العريش هم في الأصل من البدو الفلسطينيين.

كل هذا يدور ويتطور ويأتي من يتهم هؤلاء الشباب بالخيانة ويطالب بسحب الجنسية منهم، وكأننا قطيع من المعتوهين لا نفهم، ولا ندرك ما يحدث.. وبدلاً من مواجهة الواقع والاعتراف بحقيقة الأمر نجمع بحماس شديد أشلاء القضية المأسوف علي شبابها ونضعها فوق رؤوس الشباب المهاجرين، ليتحملوا وحدهم كل خطايا المنطقة، ولم يسأل أحد منا نفسه: لماذا هاجر هؤلاء؟! ولماذا ذهبت القضايا والحروب إلي غياهب النسيان؟!

وأين هي ذكري الهزيمة المريرة في ١٩٦٧؟! وأين ذكري الشهداء الذين دفنوا موتي وأحياء؟! وهل عرف هؤلاء الشباب شيئًا في مراحل التعليم الفاشلة التي تقننها السياسة وتتجنب إيذاء مشاعر الجيران الأصدقاء؟! وهل عرف هؤلاء الشباب شيئًا عن قصة نشوء دولة إسرائيل في المنطقة أو سمعوا عن المذابح الشهيرة التي حدثت قبل ١٩٤٨؟! هل شرح لهم أحد الخطط طويلة الأجل بين إسرائيل وأمريكا للسيطرة علي المنطقة بأسرها؟!..

هل عرفوا عن حرب أكتوبر شيئًا سوي الضربة الجوية والعبور العظيم في مناهج التاريخ؟! هل يذكر أحد الآن جرحي أكتوبر؟! هل نراهم في أي إعلام مرئي أو مسموع أو مقروء؟! وهل تغذي هؤلاء الشباب علي حب الوطن وهم يحشرون في الفصول الدراسية حشرًا ويسمعون في طابور الصباح السباب وقلة الأدب، علي أنغام بلادي بلادي، بينما يرفرف العلم المصري أمامهم مهلهلاً فقد ألوانه وشكله واحترامه ومعناه؟! ماذا أعطي الوطن لهؤلاء الشباب حتي يطالبهم اليوم بالانتماء؟! ماذا غير التعليم الفاشل والبطالة وسواد المستقبل والبانجو؟!

ما هذا الفصام العقلي الذي أصبح مزمناً يهدد الجميع بالجنون الواضح يحرمون من التظاهر من أجل فلسطين ومن أجل العراق ويتم حبسهم خلف بوابة الجامعة، مثل قرود حديقة الحيوانات وتحيط بهم عربات الأمن المركزي ثم نطالبهم بالوطنية.. نغرقهم بالبضائع الإسرائيلية ونكتب لهم في كتب الجغرافيا علي خريطة الوطن العربي «فلسطين» بدلاً من إسرائيل المزعومة..

نمسح ذاكرة النضال والحروب والشهداء والبطولة من عقولهم ثم نطالبهم برفض التطبيع.. نتركهم فريسة للبطالة والتسول ثم نهددهم بسحب الجنسية عقابًا علي عدم الانتماء.. وننسي أو نتناسي أن حب الوطن كأي حب لا يكون أبدًا من طرف واحد.. قال جنسيته قال... جنسيته مين يازلابية؟!

http://www.almasry-alyoum.com/articl...rticleID=85674
الرد مع إقتباس