عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 06-06-2005
شبيب رامه
GUST
 
المشاركات: n/a
نواقض تزويق رامزفيلد: حمام بخارالمقاومة...!

يوم الأربعاء 27/4/2005م دخل التاريخ بصفته يوم الاعتراف الأمريكي الرسمي والحاسم بهزيمة الغزو العسكري الأمريكي للعراق، وبدأ العد العكسي للانسحاب الحتمي والكامل منه، ففي ذلك اليوم اعترف دونالد رامزفيلد، بشكل بالغ الوضوح، بعدم صحة كل البيانات والتصريحات السابقة لكافة المسؤولين الأمريكيين والمتمركزة حول حتمية الانتصار على (المتمردين) في العراق كما يصفون المقاومة الوطنية، اذ قال (رامز فيلد) بأن (بلاده وقوات التحالف لن يتغلبا على المسلحين في العراق) ولذلك سيتركان هذه المهمة للقوات (العراقية) التي اكتمل تدريب عدد منها أكبر من القوات الأمريكية في العراق! هذا هو ما قاله رامز فيلد الذي اشتهر بأنه كان أكثر المسؤولين الأمريكيين إصرارا على تأكيد حتمية الانتصار على المقاومة العراقية ورفضاً للاعتراف بأنها تتقدم وتتسع وتنتصر!

تمهيدات واضحة
هذا الاعتراف يتوج سلسلة من التصريحات التمهيدية ، شرع قادة أمريكا باطلاقها منذ معركة الفلوجة الثانية والتي اتسمت بأنها محاولة، مدروسة بعناية، لاعداد الرأي العام الامريكي لاعادة النظر في الاهداف الاصلية لغزو العراق، وابرزها التمركز فيه لمدة لاتقل عن ربع قرن من أجل الاستحواذ على نفطه، الذي يعد احتياطه المكتشف حديثاً أكبر احتياطي في العالم وليس الثاني، إضافة للهدف الجوهري الآخر، وهو تدمير بذور دولة عربية قوية ومتقدمة. ماهي أهم تلك التصريحات؟ إن من بين المقدمات السايكولوجية للانسحاب، ضرورة جعل الرأي العام الامريكي يعرف، تدريجياً بأن غزو العراق لن يكون سهلاً ولابد من دفع ثمن بشري ومادي باهظ ، وكان تعمد الكشف عن فضائح سجن أبو غريب يستبطن هذه المقدمة، ويحاول أن يضفي عليها مسحة انسانية صاعقة الاثر. صحيح أن ثمة اهدافاً اخرى لذلك الاعتراف الا انه ايضاً انطوى على رغبة امريكية واضحة بطرح فكرة، أن للغزو عواقب خطيرة غير محسوبة، أو عرضية كالتعذيب السادي واغتصاب الاسرى جنسياً... الخ بتفجير فضيحة أبو غريب زرعت اول الاسئلة الجادة حول ثمن الغزو الباهظ وأهمها: هل كان ممكناً تجنب هذا السلوك بدون تجنب الغزو بحد ذاته؟ وهل كان هذا السلوك فردياً - كما ادعت الادارة الأمريكية- أم انه موقف مقرر من مستويات عليا كما تشير الوقائع واعترافات امريكية عديدة؟
بعد ذلك اخذ رامز فيلد والجنرالات الامريكيين في العراق، والخبراء بشؤون (الشرق الاوسط) مثل انطوني كورد سمان، والمسؤولون العسكريون السابقون، مثل انطوني زيني الجنرال المتقاعد واساتذة في الجامعات الأمريكية، يتحدثون عن اتساع نطاق المقاومة وتجذرها وقدرتها (غير الاعتيادية) على تطوير اسلحتها وأساليبها لمواجهة القدرة العسكرية والتكنولوجية الاميركية، مقابل ذلك، وبالتزامن معه، بدأ الحديث يعلو عن عدم صلاحية تدريع الدبابات والمدرعات الاخرى! والحاجة لاضافة درع جديد يستطيع مقاومة ضربات صواريخ المقاومة، المطورة تحت الارض من قبل التصنيع العسكري العراقي، واثير موضوع نقص المعدات العسكرية أمام رامز فيلد في احدى زياراته للعراق، بطريقة اظهرت الجيش الامريكي وكأنه جيش جزر القمر وليس جيش اغنى واقوى دولة في التاريخ! فلقد تجرأ ضباط على انتقاد ظاهرة الافتقار إلى السترات الواقية من الرصاص، واضطرارهم للطلب من اهلهم في اميركا شراءها وارسالها لهم! كما اثير موضوع اعادة تصنيع الناقلات المدرعة (هامر) وغيرها بعد أن ثبت انها هشة أمام دقة وذكاء عمليات المقاومة!
وطورت الحملة النفسية بالتركيز الواضح على الاضطرار، كل بضعة شهور، لتخصيص مبالغ من الميزانية الأمريكية، أي من دافع الضرائب، لتغطية نفقات الغزو والتي لاتقل في كل مرة عن 80 مليار دولار. ولجأ بعض الجنرالات أثناء وعقب معركة الفلوجة الثانية إلى تقديم صور وصفية مرعبة وكابوسية عن قوة المقاومة وامكاناتها القتالية، بالاعتراف بأن رجال المقاومة العراقية هم أشرس المقاتلين في تاريخ حروب أميركا وأكثرهم استعداداً للموت، وهي حقيقة جعلت الضباط والجنود الامريكيين يحلمون بهم وهم يهاجمونهم حتى في يقظتهم من شدة خوفهم منهم!
وأخيراً وليس آخرا جاء التمهيد المهم للاعتراف بالفشل الحاسم في العراق على لسان الرئيس الامريكي جورج بوش أكثر من مرة حينما اخذ يتحدث عن (الخروج المشرف) من العراق وضرورة الاعداد (السريع للقوات العراقية) كي تتولى مسؤولية الامن ويعود الجنود إلى أهلهم ولا يبقى احد منهم! واقترنت اقوال بوش بتأكيد أن أمريكا ذهبت للعراق (من أجل الديمقراطية) وهي أجرت انتخابات (دخل العراق بفضلها مرحلة جديدة وتاريخية)! وكان من بين أكبر الخطوات لتنبيه الرأي العام الامريكي إلى خطورة الاستمرار في احتلال العراق،
وحتمية دفع أثمان باهظة لايستطيع المجتمع الامريكي تحملها، هو ترتيب المخابرات الأمريكية لصدور اعتراف مذهل من قبل الجنرال محمد الشهواني، الذي عينه الاحتلال مديراً للمخابرات العراقية، بأن عدد افراد المقاومة العراقية المقاتلين يبلغ 200 الف مقاتل وان عدداً مماثلاً يدعمهم ويكمل عملهم! وبسرعة أيد جنرالات امريكيون هذا الرقم واشاروا إلى أن هؤلاء بغالبيتهم من انصار النظام السابق وانهم من بقايا الحرس الجمهوري وغيره من التنظيمات والاجهزة العسكرية والحزبية والامنية العراقية. وما يعرفه بوش واركان ادارته، ويرفضون الافصاح عنه، هو ان المقاومة العراقية مسنودة ب( 3 ) ملايين مقاتل احتياط هم ابطال جيش القدس والحرس الجمهوري وفدائيي صدام .
وبتسريب هذه المعلومات، واطلاق هذه التصريحات وفق برنامج معد بدقة طرحت في الاعلام الامريكي تساؤلات طبيعية منها: اذا كان عدد افراد المقاومة المقاتلين والمكملين لهم هو حوالي 400 الف عراقي،ووجود احتياط قدره 3 ملايين، الا يعني ذلك أن الشعب العراقي يدعم المقاومة، وانه مصدر ديمومتها؟ الا تنطوي هذه الحقيقة على استحالة قهر المقاومة الا بالحاق دمار أكثر شمولية وارتكاب مقابر جماعية، مثل المقبرة التي دفنت فيها مدينة الفلوجة؟ وهل (اضطرار) أميركا لاعتماد سياسات التدمير والابادة الشاملتين في العراق سيبقي (الرسالة الاخلاقية الأمريكية)، كما يقول القتلة في الكونغرس والاعلام، للعالم سليمة ومقبولة؟

خطوات الانسحاب
بعد أن صار ثمة انطباع عام في اميركا أن العراق قد اصبح مأزقاً خطيرا بالنسبة لاميركا، ازداد الحديث عن طريقه الخروج من المأزق (علينا أن نعجل بإقامة الديمقراطية وتسليم السلطة للعراقيين)، وهذا الهدف يتطلب تحقيق خطوتين اساسيتين: الاولى اجراء انتخابات مزورة، والثانية بناء قوات عراقية تتولى مسؤولية الأمن. هذا الحديث كان في الواقع الغطاء المنطقي للانسحاب من العراق، الم يصبح هدف إقامة (الديمقراطية) هو الهدف الوحيد للغزو، بعد الاعتراف بعدم وجود اسلحة دمار شامل في العراق وبعدم وجود صلة له بالقاعدة؟ إن ما يفسر الاصرار الامريكي على اجراء انتخابات شكلية وسريعة رغم كل الضغوطات من جانب حتى اولئك الذين دربوهم خارج العراق ونصبوهم في السلطة، هو هذا الامر بالذات: توفير غطاء لانسحاب يحفظ ماء الوجه بالقول: ها نحن قد انجزنا مهمتنا باقامة الديمقراطية وما تبقى، وهو فرض الأمن، يقع على عاتق العراقيين.
هذا الكلام قاله بوش مراراً في الشهور الاخيرة وكرره جنرالاته واركان ادارته بطريقة تناغمت مع تصاعد واتساع وتطور المقاومة المسلحة، وسيطرتها على اغلب مناطق العراق من هنا فأن تصريح رامز فيلد يوم 27/4/2005م ليس سوى تتويج لعملية تصعيد الاعتراف تدريجياً حتى تبلغ الذروة ، والتي يجب أن لا تشكل صدمة للرأي العام الامريكي، ولا تعطي انطباعاً عالمياً بأن أمريكا هزمت في العراق، لان ذلك يقود حتماً لتدمير هيبتها العالمية ويشجع الآخرين على (التمرد على زعامتها للعالم)، حتى ارانب جزر القمر..!

آخر تعديل بواسطة شبيب رامه ، 06-06-2005 الساعة 06:21 PM
الرد مع إقتباس