عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 12-05-2005
محمد عبد المجيد محمد عبد المجيد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 60
محمد عبد المجيد is on a distinguished road
خوفي على مصر من الإخوان المسلمين .. رسالة إلى المرشد العام


خوفي على مصر من الإخوان المسلمين
رسالة إلى المرشد العام محمد مهدي عاكف

فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين،
دعني أعترف لك أولا بقناعاتي أن في كل مصري جزءا من الإخوان المسلمين حتى لو كان على الطرف النقيض الآخر ، أو عضوا في الضباط الأحرار، أو قائدا لثورة يوليو، أو ماركسيا يخاطب العمال نهارا ويقرأ رسائل انجلز قبل النوم، أو علمانيا يرفض الدولة الدينية ويولي وجهه شطر مباديء الثورة الفرنسية.
كنت مراهقا يجمع التناقضات، فأذهب إلى قصر الثقافة بالأنفوشي لأقرأ دواوين البحتري وأبي تمام، أو أتوجه إلى نادي السينما لمشاهدة فيلم يناقشه معنا بعد عرضه مصطفى درويش، أو ألتقي مع أستاذنا رئيس قسم العقائد في الإخوان المسلمين.
وفي احدى المرات كان موعدنا معه لنتدارس كتاب ( النبوة والأنبياء ) لأبي الحسن علي حسني الندوي، وغاب أستاذنا الكبير منذ ذلك اليوم ولست سنوات في غيابات السجن، وترك لنا حيرة شديدة احتاجت لزمن طويل للتعامل معها وتحويلها إلى يقين مضاد عكس ما أراده تماما.
كنا نقرأ معه مباديء الإخوان حتى اصطدمت عيناي بالمبدأ التاسع الذي يقول ( احرص على أن لا يقع القرش إلا في يد أخيك المسلم )، وأسَرْتُها في نفسي فقد كنت صغيرا ولم أعرف أنها دعوة عنصرية طائفية تفرق بين أبناء الوطن الواحد، وتشعل على مهل فتنة طائفية قد تؤتي أكلها بعد عقدين أو ثلاثة أو أكثر.
في عيد ميلادي الثامن عشر تلقيت هدية من ثاني اثنين من أصدقاء الطفولة وكان ( معالم في الطريق ) لسيد قطب، ثم توالت قراءاتي والتهمت كل كتبه وظلال القرآن وكتابات شقيقه محمد قطب وأبي الأعلا المودودي، ولكن ظل الشيخ محمد الغزالي هو الأقرب لعقلي، واستقبلني عندما قطعت شوطا في كتاب لم اكمله عن مقارنة الأديان.
وبدأتْ قراءاتي تنحو في اتجاهات أكثر توسعا وعمقا من دائرة كادت تضيق بي، ولكن حيرتي مع الإخوان المسلمين ظلت قائمة ومتأرجحة بين اقتراب وابتعاد كأنها قصة حب فيها نفور، أو حكاية خوف يحاول أن ينتزع ما علق في الصدر من تأثير في سن غضة صغيرة!
في جنيف قمت بزيارة للمركز الإسلامي، واستقبلني الأستاذ سعيد رمضان، العقل المالي المدبر للجماعة والممول في أوروبا، وجرى حوار رقيق جدا، ثم اهداني كتيبين من تأليفه، وقام بتقبيل رأسي، وكانت تلك المرة الأخيرة التي أراه فيها، رحمه الله.
وأول بيت خليجي استضافني في ديسمبر عام 1982كانت دار الشيخ عبد الله العلي المطوع رئيس جمعية الاصلاح الاجتماعي في الكويت، أي ممثل الإخوان المسلمين في الديرة، وتحدثت مع ضيوفه عن هموم المسلمين في النرويج.
والأربعة الذين تأثرت بهم وهم مصطفى صادق الرافعي والشيخ محمد الغزالي ومالك بن نبي ومحمد أسد، كان ثلاثة منهم متأثرين بالإخوان المسلمين أو تلامذة للمرحوم حسن البنا.
ولكن الزمن المصاحب للمعرفة والقراءة والاطلاع والتجارب لسنوات طويلة وضع لمساته ببطء وعقلانية ومنطق على أفكاري وآرائي، حتى انتهى إلى رسم المشهد الأخير لتطوري الفكري ليضعني في الجانب الآخر من الإخوان وعلى مسافة لاترى نهايتها العين المجردة.
رغم كراهيتي الشديدة للنظام الارهابي الفاسد والمستبد للرئيس حسني مبارك، ولعلك، فضيلة المرشد العام تابعت حملتي للعصيان المدني التي انتهت إلى الفشل، إلا أن خوفي من وصول الإخوان المسلمين إلى سدة الحكم تنزل الرعب في قلبي خوفا على مصرنا، ويقينا أن مستقبلا مُلاّليا مظلما ينتظر هذا البلد الصابر المسكين، وأن الخمسة والعشرين ألف معتقل سياسي واسلامي القابعين حاليا في سجون الرئيس مبارك، سيستبدل بهم الإخوان المسلمون ناصريين ويساريين وشيوعيين ومستقلين وعلمانيين.
الثأر من العهد الناصري ورجاله سيكون من أولويات حكم الإخوان المسلمين، وفرز المواطنين على أساس مقياس درجة القرب من الفكر الديني سيحمل الفكر الحر إلى جيتو منعزل وخائف من مسرور السياف، فتاريخ الجماعة مع صور الاجتهاد اختلافا أو اتفاقا يشي بقبضة حديدية تصغر بجانبها الفاشية.
عندما يحكم مصرَ الإخوان المسلمون، لا قدر الله، فإن إعصارا هائلا من الكراهية سيطيح بكل القوى المخالفة والمناوئة، وقطعا سيخرج للعلن المبدأ التاسع ( احرص على أن لا يقع القرش إلا في يد أخيك المسلم ) ليتم القضاء على ما بقي من ظواهر الألفة والمودة التي تخفي فتنة طائفية لو راجعت المواقع الإسلامية والقبطية لشاهدتها بوضوح وظننت أن الحرب الطائفية قامت بالفعل، فإذا استمعت للبال توك فلن تصدق أذناك أن لغتنا تتسع لهذا القدر من الكراهية، وإذا دلفت إلى موقع أقباط الولايات المتحدة فستظن أنه لن يأتي فجر اليوم التالي قبل أن تقوم القيامة من هول الشتائم والافتراءات القبيحة والبذيئة عن الاسلام وقرآنه المقدس ونبيه الكريم.
والإخوان المسلمون يثيرون الرعب في قلوب من اختاروا العقل والاجتهاد طريقا للمعرفة، فإذا أصبح سيد القصر إخوانيا فإن عالما جديدا من التقسيم المواطني سيُدخل مصر في متاهات مستقبل مظلم ولو حمل راية روحية.
وتاريخ الإخوان المسلمين كلعبة السُلَّم والثعبان، فقد كانوا في الفترة الأولى للغزو العراقي للكويت مع البعث الصدامي، وهم الذين أداروا ظهورهم لمحاكمات المفكرين الذين طردتهم اجتهادات الفاشية الجديدة باسم الخروج على النصوص المقدسة،وابتهجوا لشركات توظيف الأموال والاحتيال على الشعب، وتحالفوا مع النظام قبيل اكتشافهم أنه على وشك السقوط، ورفضوا العصيان المدني من القوى الأخرى لكي ينسبوه لاحقا إلى أنفسهم وقوتهم، وأصدروا عشرات البيانات والاشارات المتناقضة التي يفسرها كل طرف وفقا لمزاجه، فهم مع الأقباط في عضوية الجماعة لكنهم أيضا مع الفكر الرجعي للتمييز بين المواطنين على أسس دينية، وهم ضد أمريكا ويغازلونها، وضد مبارك ولا مانع من تجديد ولايته الارهابية لمرة خامسة أو صعود نجله الشاب فوق رقاب أبناء شعبنا.
أمامي مشهد مفزع لحكم مصر، وشباب فرغته الفتاوى الفجة من العقل والمنطق والثقافة لتلصقه بعالم النقل والنصوص الصفراء لفقهاء القرن الثالث الهجري، وتجديد المودودية، وهيمنة فكرة سيد قطب بأن جنسية المسلم عقيدته، وسذاجة المثقفين الذين يظنون أن جيلا جديدا من الإخوان المسلمين يرفع شعار الوسطية هو الذي سيحل محل أسرة مبارك.
والبسطاء يظنون أن عضوية الجماعة صك براءة وادخال ملائكة جدد مع التوقيع، لكن الحقيقة أن مئات الآلاف من قوى الشباب المتطرف سترفع أيضا شعارات دينية، وستنضوي تحت لواء الإخوان المسلمين لتحيل الوطن إلى محكمة تفتيش في الصدور والعقول ومعارض الكتب وملزمات أساتذة الجامعات والإعلام والسياحة والاقتصاد والبنوك والحرب والسلام والعلاقات مع العالم الخارجي.
الرد مع إقتباس