عرض مشاركة مفردة
  #6  
قديم 17-04-2005
محمد عبد المجيد محمد عبد المجيد غير متصل
Registered User
 
تاريخ التّسجيل: Jan 2005
المشاركات: 60
محمد عبد المجيد is on a distinguished road
رسالة من الرئيس حسني مبارك إلى المصريين.. سأجعلكم تلعقون تراب الأرض


أيها المواطنون،
قرأت ما نشره أحدكم عن هروبي إلى ثكنة شرم الشيخ الأمنية استعداداً للرحيل عن مصر، وتهريب أموال أسرتنا وأعواننا ورجالنا الذين أذاقوكم الذُلَ والمَسْكنة والهوانَ طوال أكثر من عقدين، وكادوا يفرّغون وطنكم من خيراته.
ربما يكون في بعض هذا الكلام كثير من الصحة، فأنا في مكان آمن قريب من إسرائيل، وتحت تصرفي طائرة خاصة قد تقلني إلى أي مكان يقع عليه اختياري وتوافق حكومته على استضافتي وربما يكون فرنسا أو ألمانيا أو دولة الإمارات العربية المتحدة.
شاهدتُ مظاهراتكم التي لم تجمع أكبرها ألفين من خصومي رغم أنكم جاوزتم السبعين مليونا، وكانت النتيجة الطبيعية أنني وضعت عشرين من رجال الأمن مقابل كل متظاهر واحد.
أتابع كل صور الاحتجاج والتذمر وتخترق أذنيَ شتائمُكم وسبابكم ونكاتكم، وتصلني تقارير عن اجتماعات قادة المعارضة وعن عشرات المواقع على النت، وعن مظاهرات جامعات القاهرة والاسكندرية وطنطا والجامعة الأمريكية.
لكنني متفائل بعودتي إلى القاهرة فقد راقبت طوال ثلاثة أشهر الدعوة للعصيان المدني في 2 مايو 2005، وقرأتُ عشرات الردود والتعليقات والتعقيبات التي جعلَتْها كأنها نكتةٌ سخيفة أو مزحة تافهة وكل واحد منكم ظهرت على لسانه عبقرية السخرية والتهكم والاستخفاف بالدعوة وكأن الأمر لا يعنيكم، حتى أن كثيرين أرسلوا يتهمون القائمين على الدعوة بانهم مأجورون في الغرب وأنهم يريدون كشف عورات الحاكم الذي أمر الاسلام بطاعته.
قمة نشوة التفاؤل لدي كانت حالة الصمت الرافض التي قابل بها زعماء المعارضة الدعوة للعصيان المدني، وقد كنت واثقا من ذلك فقيادات المعارضة تخشى نجاح العصيان المدني لئلا تنكشف أمام الجماهير، ويأخذ الجيش المبادرة أو تأتي حكومة وَحْدَة وطنية تساوي بين الجميع وتقيم العدل وتحترم الحقوق فيفقد زعيم المعارضة برستيجه كقائد يتقاسم السلطةَ معي ولكن في الاتجاه المضاد.
تسعة عشر حزبا سياسيا يجلس منها على ركبتي عشرة أحزاب على الأقل، أطعمهم، وأسقيهم، وأشاركهم بعض فرحتهم المزيفة، ويمدون في عمري وسلطتي.
أيها المواطنون،
هل تتذكرون رسالتي المعنونة ب ( الرئيس حسني مبارك يدعو للعصيان المدني )؟
ألم يتحقق كل ما فيها تماما كأنني أقرأ الغيب أو ألعب بالبيضة والحجر؟
حتى الفضائيات رفضت استضافتة للحديث عن العصيان المدني فلكل قناة فضائية حساباتها وخطوطها الحمراء ولو ظهرت على الشاشة خضراء لعيون سوداء.
بقي من الوقت ثلاثة أسابيع على الموعد المحدد وهو الثاني من مايو، ولو أردتم الحرية والانعتاق من براثني فهو الموعد الساحر للتخلص نهائيا من حكمي ومن دهسي رؤوسكم تحت حذائي، ومن قانون الطواريء، وسيمكنكم استعادة عشرات المليارات من أموالكم، وتعيدون بناء مصركم على أسس جديدة، وتختارون عباقرة وكفاءات في كل المجالات، وتستنشقون حرية طالما حلمتم بها.
لكنني، في مهربي هذا وتحت حماية أمريكية إسرائيلية في شرم الشيخ، واثق بعودتي سريعا فقد أعتدتم على الصمت، وتلذذتم بالعبودية، واستمتعتم بصرخات أبناء بلدكم وهم يتعذبون في أقسام الشرطة أو يغتصبهم ضباط الأمن أو المخبرون أو المرشدون.
لقد كان صمتكم طوال أربعة وعشرين عاما مدعاة لسخريتي، وأنتم تنتمون لأعرق شعوب الأرض، وجيشكم ومخابراتكم وقوات أمنكم أجهزة وطنية لا يشك أحد في اخلاصها لكم، لكنها تقف في خدمتي، وتزحف على بطونها أمامي، وتعمل لحمايتي وليس لحماية وطنكم.
كل الذين كتبوا للحرية والانعتاق والكرامة والخير والمساواة والتسامح والتطور ، وأرادوا استعادة مصر من تحت قدمي لتحريرها، سخرتم منهم، وبحثتم في بطون أمهات الكتب العريقة عن قدسية طاعة الحاكم، أو تندرتم عليهم لأنهم مغتربون ومهاجرون رغم أنهم من تراب أرض مصر الطاهرة ويحملون معكم هموم وأوجاع الوطن.
معارضة هشة تتصادم أحلامها على الكعكة، ونقابات مهنية تستطيع أن تزلزل الأرض من تحت أقدامي لكنها خانعة تغتبط بلذة الصمت، وتبتهج بانتصارات صغيرة لا تسعد طفلا غضا أو أميا فقيرا أقصى أمانيه أن ينام ليلة واحدة هانئة.
تصدقون أنني هربت، أليس كذلك؟
نعم، هربت فعلا إلى شرم الشيخ، ولا أستطيع أن أتجول في القاهرة أو أستقبل ضيفا في المطار وأعود به في موكب رسمي مخترقا شوارع العاصمة الحزينة، لكنني سأعود رغم أنوفكم، وسأذيقكم عذاب سَقَر، وسأسلط عليكم من بقي من حيتان النهب أن يفرغوا مصارفكم الوطنية من كل قرش، وسأجعلكم تشاهدون صورتي في كل كوابيسكم.
أيها المصريون،
ستعيدونني من شرم الشيخ معززا مكرما، وستخرجون أذلة إلى الشوارع تهتفون بحياتي، وسترفضون يوم الثاني من مايو العصيان المدني ولن يشارك فيه إلا قلة تعد على أصابع اليدين، وسيقف الجيش العظيم وجنرالاته وقياداته الوطنية صامتين أمام أسرتي ونحن نسعى لجعلكم أفقر شعوب القارة الأفريقية.
كل المصريين، من مثقفين ومفكرين وأكاديميين وعلماء ورجال دين واعلاميين وقادة جيش وأمن الدولة والاستخبارات والنقابات والطلاب والفنانين، يعرفون كارثة وطنهم، وهم على يقين من أنني أعيش أيامي الأخيرة بينكم، وأن كل مصري يملك ذرة وعي كاملة لا يخطيء المشهد المصري المأسوي، ومع ذلك فرجالي يعملون بهمة ونشاط، وسيزيفون إرادتكم، وسيرشح مجلس الشعب مبارك الأب أو الابن لقيادة البلد في الأعوام الست القادمة التي ستنتهي إن شاء الله وأنتم تتسولون طعامكم في شوارع بورندي وأوغندا وجنوب السودان وتبيعون ما بقي من مخلفات متعلقاتكم.
أنتم تعرفون جيدا أن العصيان المدني هو أرقى أنواع التمرد السلمي والاحتجاج، لكنكم وقيادات المعارضة ترفضونه خشية تحريركم، تماما كما كان العبيد يفعلون عندما يرفضون الانعتاق خوفا من السير بمفردهم مع الأحرار!
وأنتم تعرفون أنني أفشل حاكم في تاريخ مصر الحديث والقديم، ومع ذلك فسبعون مليونا من المصريين بين إصبعين من اصابعي أقلبهم كيفما أشاء.
وأنتم تصرخون من الغلاء والفقر والحط من الكرامة والمرض ونقص الدواء والعلاج وفساد الدولة والتعليم، وتعلمون جيدا أن ست سنوات من حكمي ستزيد سكان المقابر إلى عشرة ملايين، ثم ماذا كانت النتيجة؟
الاخوان المسلمون يؤيدون استمراري في الحكم شريطة الاستجابة لبعض المطالب.
الوفديون يؤيدون استمراري جاثما فوق رؤوسكم مع استجابة على استحياء لبعض الشروط.
التجمع في صورة المناضل الكبير خالد محيي الدين يعلن تأييده لي، وتستضيفه سناء منصور في ( الظل الأحمر ) ليمتدح في الرئيس حسني على الرغم من أن حزب التجمع أصدر كتابا عام 1981 تحت عنوان ( لا لمبارك )!
هل أحدثكم عن البقية؟
أيها المصريون،
لا تظنوا أن هروبي إلى شرم الشيخ، واستعداد أسرتي لتفريغ البنوك، وتهريب المليارات، ونجاتي من كل الجرائم التي أرتكبتها في حقكم طوال أربعة وعشرين عاما يعني أنني سأغادركم إلى الأبد.
إن مهمتي لم تنته بعد، فصمتكم القبوري يحفزني على العودة، وأحلم باليوم الذي أرى مصر صانعة الحضارات في ذيل كل أمم العالم.
أيها المصريون،
لا تخرجوا يوم الثاني من مايو في العصيان المدني...
وأعدوا العدة لعودتي منتصرا بعد هروبي.
أما إذا تحركت الآن عدة مدرعات من الجيش متجهة إلى القصر الجمهوري بعابدين وقصر العروبة وماسبيرو، وخرجت الجماهير ترفع شعارات النصر وتحيي جيشها الوطني وتستمع بكل ما تملك من حب لبلدها للبيان رقم واحد الذي يطالب بمنعي وأسرتي من مغادرة مصر لنمثل أمام محكمة الشعب، فقد أحكم الجيش لي العقدة التي لا حل لها، ولن تستطيع واشنطون أو تل أبيب حمايتي.
إنني متفائل في مهربي بشرم الشيخ للعودة المنتصرة، وحينئذ سألقنكم درسا لن تنسوه أو تنساه أجيالكم القادمة.

محمد عبد المجيد
رئيس تحرير طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
http://www.tearalshmal1984.com
Taeralshmal@gawab.com
Fax: 0047+ 22492563
Oslo Norway
الرد مع إقتباس