عرض مشاركة مفردة
  #1  
قديم 16-03-2012
الصورة الرمزية لـ abomeret
abomeret abomeret غير متصل
Moderator
 
تاريخ التّسجيل: Dec 2004
المشاركات: 2,345
abomeret is on a distinguished road
هل حقاً قامت ثورة؟!

هل حقاً قامت ثورة؟!

بقلم محمد السلماوي - المصرى اليوم

من الذى يريد أن يمنع التواصل بين الشعب ورئيسه القادم؟ من الذى يصر على تطبيق القوانين سيئة السمعة التى وضعها ترزية القوانين خلال فترة حكم الاستبداد الماضية، ومنها المادة ٢٠ من القانون ١٧٤ لسنة ٢٠٠٥، التى تقصر الفترة التى يتعرف فيها الشعب على رئيسه المقبل ويناقشه فى برنامجه السياسى على مدار ٢١ يوماً لا غير؟ ثم ما هو المنطق وراء ذلك ولمصلحة من يتم التمسك بمادة بالية وضعها النظام السابق ليحول دون وصول المرشحين المنافسين له إلى الناخبين؟

لقد أصدرت اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية قرارها رقم ٦ لسنة ٢٠١٢ بحظر الدعاية الانتخابية «المباشرة وغير المباشرة عبر أى وسيط من الوسائط، سواء المرئية أو المسموعة أو المقروءة أو الإلكترونية أو غيرها لأى من المرشحين أو راغبى الترشح»، فهل هذا معقول؟

لقد سألنى الصديق القديم روبير سوليه، رئيس تحرير جريدة «لوموند» الفرنسية الأسبق، عن هذا القانون فشرحته له، لكنه لم يصدقنى إلا بعد أن قرأت عليه نص المادة كلمة كلمة، ولقد باغتنى الصحفى المخضرم الذى كان أول من أصدر كتاباً فى فرنسا عن ثورة ٢٥ يناير، بالسؤال: هل حقاً قامت فى مصر ثورة؟

إن أهم مظاهر أى ثورة هو إسقاط قوانين العهد البائد واستبدالها بقوانين جديدة تعبر عن الواقع الجديد، ومن هنا فما إن قامت ثورة ١٩٥٢ حتى أصدرت قوانين الإصلاح الزراعى وإلغاء الملكية وغيرها، وظلت القوانين تتوالى حتى سنوات الستينيات.

إن مهمة إصدار القوانين مسؤولية ذلك البرلمان العجيب الذى ولدته لنا الانتخابات الأخيرة كأنه مخلوق مشوه لا نعرف له أباً شرعياً، فهو بالتأكيد ليس «برلمان الثورة»، كما يحلو للبعض أن يسميه، وإلا لكانت مهمته تحويل مطالب الثورة إلى تشريعات تحكم الأداء السياسى فى البلاد، لكننا وجدنا نوابه الورعين ينشغلون بتحريف قَسَم العضوية، ثم برفع الأذان،

ثم بإجراء عمليات التجميل، وحين اتجهوا أخيراً للمسؤولية التى انتخبوا من أجلها كان أول ما تقدموا به من قوانين هو قانون «الحرابة» الذى يقنن تقطيع الأطراف فينظم كيف تقطع اليد اليمنى مع القدم اليسرى وكيف تقطع اليد اليسرى مع القدم اليمنى!!

كيف لم يعرف هؤلاء البرلمانيون العظماء أن القوانين المنظمة للعملية الانتخابية مازالت تلك التى وضعها النظام السابق لتقييد حق الناخبين؟ كيف لم ينتبهوا إلى واجبهم الذى من أجله أتوا للبرلمان فيراجعون تلك القوانين بالتعديل أو بالإلغاء أو بإصدار قوانين جديدة ولو بين أذان الظهر وأذان العصر؟!

أما ذلك الكائن الآخر المسمى «اللجنة العليا للانتخابات» - التى لقراراتها حصانة مقدسة، فلا يمكن الطعن عليها حتى فى حالة حدوث تزوير رسمى لصالح المرشح الرئاسى التوافقى، وكأن ما تقضى به له قدسية الكتب السماوية المنزلة نفسها - فهو أكثر غرابة، لقد تمسكت اللجنة بمواد القانون الذى سنه النظام القديم وتوعدت مرشحى الرئاسة بإحالتهم للنيابة فى حالة مخالفتهم هذا القانون سيئ السمعة،

وذلك فى بلد يُعرف أصلاً بعدم تطبيق القانون، فهل حين نتشدد لأول مرة فى تطبيق القانون يكون لمصلحة قانون التوريث؟ هل هناك مرشح جديد تسعى بعض الجهات الرسمية لتوريثه الحكم؟ ثم لحمايته من الطعن على نتيجة انتخابه؟ وهل لم يستعد بعد ذلك الوريث الجديد للانتخابات فأردنا أن نوقف المرشحين الآخرين عن التواصل مع الناخبين إلى أن يُكتب له برنامج انتخابى يعرضه على الناس؟

إن كل يوم جديد يأتى يؤكد لنا تمسك من يحكمون البلاد بسياسات النظام السابق والإصرار على تطبيق قوانينه البالية، يساعدهم فى ذلك برلمان الذقون والجلابيب وشباشب الزنوبة من ناحية، واللجان العليا لتزوير الانتخابات من ناحية ثانية، وترسانة من القوانين غير الدستورية من ناحية ثالثة، وهو ما يجعلنى أتوقف طويلاً أمام السؤال الاستنكارى الذى طرحه على الصديق القديم روبير سوليه: هل حقاً قامت فى مصر ثورة؟!

msalmawy@gmail.com
__________________
(( افتحي يا كنيسه زراعك لكل متنصر جذبه المسيح اليه .. احتضنيه و اعترفي به فهو ابن لك و انت ام له ))

((فأنت الصدر الحنون له في محيط المخاطر و الكراهيه و الظلم و الارهاب الذي يتربص به ))
الرد مع إقتباس