هم يرون أن قراءة الموظفين القرآن أثناء العمل فضيلة ( و إلاما فعلوها ) ، و نراها نحن تعطيلاً لمصالح العباد ، فهذه هي الرذيلة المرذولة و النطاعة المكروهة نفسها .
إن الفساد يعني الخروج على قاعدة أخلاقية أو قانونية وضعية كما يفهمه العلم الإنساني ، أو هو حسب الفهم الديني خروج على قاعدة شرعية دينية سماوية . فإذا قصد أبو الفتوح من الفساد جانبه الوضعي : كسياسات جمارك ، و بنوك ، وجنسية ، و ضريبة ، و محاكم إدارية ، و جنائية ، فإن جماعة الإخوان حسب هذه القوانين الوضعية هم أول الفساد ، لأنهم جماعة غير شرعية فسدت بخروجها على القانون الوضعي بوجودها رغماً عنه ، فسدت بإصدار صحف و نشرات دون تراخيص ، فسدت بشركات توظيف الأموال و نهب أموال الفقراء ، فسدت بغسيل الأموال بعد أن تم القبض مؤخراً على حوالي 135 شركة إخوانية تغسل الأموال القذرة الملوثة ، فسدت بجمع الأموال لتمويل جماعات الإرهاب الدولية ، فسدت باختراقها قواعد الاستثمار البنكي بما يدمر اقتصاد الوطن .
أما النوع الثاني من الفساد الذي يكون بالخروج على قاعدة دينية شرعية ، فإن شر الفساد في هذا النوع ليس بالخروج على القاعدة فقط ، بل ضربها بالحذاء علناً ، فقد ساهم الإخوان بالصمت و السكوت على تعطيل شرع الله فصمتوا على تحريم العقوبات البدنية ، و الرق ، و السبي ، و يعدوننا أنهم سيقطعون أيدينا إن شاء الله بالشريعة عندما يحكمون ! ! ألا يوجد بين الإخوان سارق واحد أو زاني واحد الآن لتطبقوا عليه شريعة الله ، التي تزعمون أنكم حراسها . . . . حتى يصدقكم المسلمون ؟ أم تنتظرون الوصول إلى حكمنا لتكونوا أنتم الحاكمين القاطعين . . . . و نحن المقطوعين ؟
***
يتابع القطب الإخواني عبد المنعم أبو الفتوح مبرراً فشل التجارب الإسلامية الحديثة في إقامة دول إسلامية قوية ، أو ديموقراطية ، بقوله : " حسب المبدأ الديموقراطي . . ليس غريباً أن يفشل الإسلاميون هنا أو هناك مثل غيرهم ، فليس عيباً أن يفشل فصيل إسلامي فيأتي فصيل آخر ، لأن العبرة بالمبادئ و القيم و ليس بالبشر ، و ان الإخوان ليسوا كغيرهم من الفصائل التي تكفر المجتمع " . و هو قول يعني أن المبادئ و القيم تقتصر على الإسلام و الإخوان باعتبارهم حماتة و المتحدثين باسمه ، و يعني أيضاً اعتراف الإخوان أنهم بشر يخطئون و يصيبون ، و في حال فشل فصيل في الحكم لا يعني فشلهم مطلقاً ، بل يمكن أن يأتي فصيل آخر و ينجح حسب المبدأ الديموقراطي ، ثم يميز بين فصيلة و بقية فصائل الإسلام السياسي بأن الإخوان ليسوا كغيرهم من الفصائل التي تكفر المجتمع ، و بذلك هم ليسوا ضد المجتمع و لا الديموقراطية ، و من ثم يحق لهم الانخراط في العملية السياسية .
إخواننا الإخوان لا يروننا دولة عمرها المؤسسي سياسياً و اقتصادياً و قيمياً و قانونياً يمتد لأكثر من عشرة آلاف عام إلى الوراء ، فهذا تاريخ يستحي منه الإخوان ، لأنه تاريخ قوم وثنيين و غير عرب و غير مسلمين ،لذلك لا تجد له آي ذكر في أدبياتهم بل و لا أي اعتبار ، باعتباره شئ غير موجود ، و باعتبار أن تاريخ مصر يبدأ مع وفود الجيوش العربية فاتحة لها ، مع ركوب أول عربي لأول إمرأة مصرية في العريش .
الإخوان لا يرون بأساً في إخضاعنا لعمليات تجريب و وضعنا حقل تجارب لجهلاء السياسة و أغبياء الاقتصاد ، و يعطون هذا الحق لأنفسهم بعد أن قصروا المبادئ و القيم على التجربة الإسلامية ، منكرين على البشرية كلها مبادئها و قيمها قبل الإسلام و بعد الإسلام ، بل و منكرين على الأنبياء السابقين أن يكون لهم مبادئ و قيم كما للتجربة الإسلامية .
القيمة التي يركز عليها الإخوان هذه الأيام هي الديموقراطية و الحريات ، و هو ما يجعل المسلم البسيط يتساءل ، إذا كانت الحريات كما نعرفها اليوم ، و إذا كانت الديموقراطية السياسية ، من قيم الإسلام و مبادئه ، و أن لها أسساً إسلامية في ديننا أياً كانت التسميات : شورى ، بيعة ، . . . ، فلماذا لم يطبقها أبو بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو معاوية ، و هم كبار الصحابة و ملوك الإمبراطورية في عزها و مجدها ؟
إن الديموقراطية هي تداول السلطة بشكل سلمي ، فلماذا لا يذكر لنا أبو الفتوح خليفة واحداً تولى الحكم ديموقراطياً منذ ظهر الإسلام و حتى سقوط دولة طالبان غير مأسوف على شبابها . أو هل كان الولاة يتم اختيارهم من قبل أهالي الأقاليم ؟ إن هذا كلام يفضح تمسك أبو الفتوح و إخوانه بالفلسفة العربية للفتوحات التي لم تعرف للبشر حقوقاً و لا كرامة ، و تبعاً لها تحول الناس الأحرار في بلادهم بعد الفتوحات إلى عبيد و موالي و أهل ذمة و سبايا ، عليهم دفع الأموال للفاتحين ، و لا مساواة ، و لا أي حقوق . فشريعتنا تنص على عدم قتل المسلم بذمي ، فلا يلزمه سوى الدية بل و نصف دية المسلم ، يعني العربي يقتل عشرة ذميين و يدفع قيمتهم ، هذه هي المبادئ و القيم التي تخبرنا بها التجربة الإسلامية و شرائع الإسلام . إنها فلسفة السيد المالك و العبد المملوك ، كلام أبو الفتوح فلسفة تحمل بداخلها و تستبطن الاحتقار العربي القديم للمفتوحين و لكن في صورة حديثة ، ألا تراه لا يجد مانعاً مطلقاً من جعلنا فئران تجارب لورثة السيادة العربية، يفشل فصيل فيأتي غيره ؟
ثم ألا ترون تكلم أبي الفتوح و إخوانه عن دولة إسلامية عتيقة بدائية برطانة الدولة القومية المعاصرة ، يحدثوننا عن الحرية و المساواة و الديموقراطية و المدنية ، و هو ما يعني أن الإخوان يكتشفون لنا اليوم مشروعاً إسلامياً للحكم بعد مرور أربعة عشر قرناً و ثلث قرن على ظهور الإسلام ! !
أين كان المسلمون يوم دخلت أوروبا عصر النهضة و التنوير لتبدأ على الأرض العصر الصناعي و زمن الديموقراطية ؟ أين كانوا و ماذا غيبهم عن حضور هذا المشروع و المساهمة فيه والإستفادة منه ؟
و إذا كان من غير الغريب أن يفشل الإسلاميون في الحكم ، فلماذا نتحمل هؤلاء الفشلة بعد مرور أربعة عشر قرناّ و ثلث القرن من الفشل المتواصل ، في إقامة العدل و الحرية و المساواة و إحقاق حقوق الإنسان و كرامة بني آدم ؟ لماذا نتحمل هؤلاء و أمامنا ما هو مؤكد النجاح في بلاد الغرب الحر ، أو لنطل في المنور المجاور فقط !! .
إن أسلوب أبي الفتوح إضافة لكذبه على الذات و على المسلمين و تضمنه حديث السيد للرعية ، فهو أسلوب خال من الذوق ، و خال من المسئولية .
فهو يتضمن ازدراء و استهانة بنا و بأمتنا المصرية التي تحضرت من فجر البشرية ، محققة سبقها بلا منازع أو زاعم ، إن نصوص هذه الحضارة سجلتها الكتب المقدسة جميعاً ، إن فجر الضمير الأخلاقي القيمي كان هناك على اتفاق بين المؤرخين .
حديثه عن فشل فصيل ليأتي فصيل يعني تناوب الفشلة على حكمنا ، و هو حديث بدوي بدائي يتهاون في مخاطبة أهله و ناسه ، فيخاطبهم خطاب السيد للرعية ، و هم أهل الدولة و أصحابها و أول من وضع لها في التاريخ نظام مؤسساتي هرمي بيروقراطي من عشرات القرون .
__________________
We will never be quite till we get our right.
كلمة الصليب عند الهالكين جهالة و اما عندنا نحن المخلصين فهي قوة الله "كور 1 -1:18"
( سيظل القران اعجاز لغوى فى نظر المسلمين الجهلاء فقط.
لان معظمهم لايستطيع الكتابه بدون اخطاء املائيه )
|