|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#17
|
|||
|
|||
المسيحية.. والسياسة
في تعليق لأحد السادة الأفاضل "المصري الأصيل" على مقال "يا كنيسة المسيح.. لا تخافي من الاضطهاد المزمع أن يكون!!" قال: "ولماذا لا نعلن انتصارنا فوق أجسادهم؟؟؟ ماذا يمنع؟؟؟ ولماذا لا نخطف نساءهم وبناتهم؟؟؟ ولماذا لا نستحل الدماء والأموال والنساء والممتلكات كما يفعلون؟؟؟"، وطالب سيادته بضرورة وجود جيش قبطي عسكري للدفاع عن الأقباط، وقد وافقه الرأي السيد "أبو هاني المصري" قائلاً: "صدقني أنت كما يقولون جبت من الآخر"! أما الإجابة عن تساؤلاتك فهي ببساطة: لأنه ليست هذه هي تعاليم يسوع... ولكنك أيضاً بتساؤلاتك واقتراحاتك قد وضعت أصبعك على قضية هامة وخطيرة، وهى "خلط الدين بالسياسة"! وسأناقش في هذا المقال هذه القضية من وجهة النظر المسيحية.. من الذي لا يعرف أن المسيحية ديناً وليست دولة؟ وأنه لا توجد ما تسمى "دولة مسيحية"؟ ومن ذا الذي لا يعرف أنه لا يوجد ما يسمى "جيش مسيحي"؟ ولا توجد ما تسمى "حرب مسيحية"؟ ومن ذا الذي لا يعرف أن المسيحية تفصل الدين عن السياسة؟ فلو كان المسيح قد أسس "دولة أو أمَّة مسيحية"، لفقدت المسيحية قوتها ورسالتها العظمى في خلاص النفس! إذ أن أحد مبادئ المسيحية الهامة هي "الانفتاح على الآخر" إلى أقصى مدى "أحبوا أعداءكم" (مت 5: 44) من أجل تحقيق التكامل والكمال الإنساني، فكيف يمكن تلاقي هذا المبدأ مع مبدأ الدولة المسيحية ؟! إلا أن المسيحية لم تمنع معتنقيها من المشاركة في العمل السياسي "اعطوا ما لقيصر لقيصر.. وما لله لله" (مت 22: 21) ، "لست أسأل أن تأخذهم من العالم.. بل أن تحفظهم من الشرير" (يو 17: 15).. فقد كان ما رجرجس وفيلوباتير مرقوريوس ومارمينا أعظم شهداء المسيحية قواداً في الجيش، وكانوا يحاربون حروب الدولة، وليس في ذلك شيئاً يسئ للمسيحية! كما أنها طالبت معتنقيها بدفع الضرائب، والخضوع للحاكم (مت 22، 17: 24- 27، رو 13: 1- 7).. إلا أنها لم توصِ بطاعة مطلقة عمياء! بل طاعة في الحق، للحاكم بالصلاح.. فمن الذي لا يذكر كيف وقف بطرس والرسل في وجه الرؤساء صارخين "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 5: 29) فإن كانت رغبة حكامنا هي إنكار إيماننا بالمسيح، أو تحريضنا على أعمال الفساد والظلم كدليل لولائنا لهم! فلنصرخ في وجوههم: لا.. لن نفعل هذا الأمر.. مهما كان الثمن!! وإن كان حكامنا يسلبون حقوقنا ويظلموننا ويهينون مقدساتنا - لا لشر فينا، وإنما لإرضاء غرورهم وإشباع شهواتهم في السلطة والمال! فلن يستطيعون منع ثورتنا في وجوههم ضد الظلم!! كما دافع السيد المسيح عن نفسه حينما لطمه أحدهم أثناء المحاكمة قائلاً: "إن كنت قد فعلت ردياً فاشهد على الردى، وإن حسناً فلماذا تضربني" (يو 18: 23) ، وكما دافع بولس الرسول عن نفسه أمام الحكام مطالباً بحقوقه كمواطن (أع 16: 35- 40، 22: 25- 30، 25: 1- 12) ولم تنس المسيحية أيضاً أن تخاطب رجال السياسة، وتطالبهم بالحكمة والتعقل، في مجاليّ السلم والحرب.. حتى لا يلقون شعوبهم إلى التهلكة.. فقد طالبت بالدراسة الدقيقة قبل البدء في تنفيذ المشروعات التنموية، كما قبل إعلان الحرب مع دولة أخرى "من منكم وهو يريد أن يبنى برجاً لا يجلس أولاً ويحسب النفقة هل عنده ما يلزم لكماله، لئلا يضع الأساس ولا يقدر أن يكمّل، فيبتدئ جميع الناظرين يهزؤون به قائلين: هذا الإنسان ابتدأ يبني ولم يقدر أن يكمّل.. وأي ملك إن ذهب لمقاتلة ملك آخر في حرب لا يجلس أولاً ويتشاور هل يستطيع أن يلاقي بعشرة آلاف الذي يأتي عليه بعشرين ألفاً، وإلا فما دام ذلك بعيداً يرسل سفارة ويسأل ما هو للصلح" (لو 14: 28- 32) تقدم المسيحية فكراً صالحاً.. وليس شكلاً لدولة!! نحن نذكر كيف رفض المسيح أن يكون ملكاً أرضياً، مصرِّحاً "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو 18: 36).. لقد أراد أن يكون ملكاً على القلوب وليس على الدول.. نعم إنها مملكة روحية.. وحروب المسيحية هي حروب روحية.. ولكن هذا لم يمنع أنه كان للمسيحية عظيم الأثر في السياسة العالمية، وإن كان بشكل غير مباشر.. فالفكر المسيحي المنادي بالسلام وقبول الآخر قد أدى إلى ثورة خلقية واجتماعية أثرت بلا شك في سياسات الدول والشعوب.. فمنه نبعت هذه الفكرات: اتفاقيات السلام بين الدول.. وقف إطلاق النار.. الأرض مقابل السلام.. حقوق الإنسان.. حقوق اللاجئين.. إغاثة المنكوبين.. إعانة الفقراء.. منع عمالة الأطفال.. وغيرها الكثير والكثير. لذلك فمن أراد أن يحارب بالسيف، وليس بالكلمة فلا يفعل ذلك باسم المسيح.. بل عليه أن يلجأ إلى أي حزب سياسي ويتحدث باسمه. ومع أن هدف موقع "الأقباط متحدون" هو "حقوق الأقباط" - وهو هدف سياسي وليس ديني "حماية الأقليات وحفظ حقوقهم" ، إلا أن مشكلة اختلاط الدين بالسياسة في مقالات الموقع - كما في مواقع عديدة؛ قد نشأت كرد فعل انساني طبيعي لأسلمة النظام الحاكم في مصر؛ والذي يناضل الأقباط من أجل انتزاع حقوقهم منه! فما أن تعود مصر مدنية ليبرالية، عندئذ سيقتصر الأقباط أحاديثهم الدينية على الكنائس.. وسيتفاعلون في المجتمع ويشاركون في سياسة الدولة كمواطنين أحرار شرفاء - لا فرق بين مسلم ومسيحي http://www.copts-united.com/sca/sca1..._from=&ucat=7& |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|