|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#2
|
|||
|
|||
الجزء الثاني
وأكد البابا أن النازيين "بالقضاء على هذا الشعب ، كانوا يريدون أن يقتلوا ذلك الإله الذي نادى إبراهيم وحدد ، وهو يتكلم على جبل سيناء ، المعايير الأخلاقية للإنسانية التي ستبقى إلى الأبد " ويبدو أنه لم يكن ذلك هو الوقت المناسب للتشديد على أن يسوع أنكر ما كان اليهود يرددونه عليه أي أن "أبانا هو إبراهيم" وذهب قائلا إن "أباكم هو إبليس" . في ليتورجية الكنفوشية الجديدة لا مجال لكلمات "بحرية" وعبارات شخصية مثل التي تمتلئ بها ليتورجية ما بعد المجمع . وكما هو مطلوب ، كان لا بد أن يقول البابا إن قتل اليهود يساوي قتل الله ، ولكن سُمح له بألا يضيف ما يترتب على ذلك وهو أن اليهود والله شيء واحد . ومع ذلك ، استطاع البابا أن يسرّب في خطابه كلمات مسيحية . فقد قال إن ذكرى هؤلاء الملايين من الموتى "لا يراد بها أن تثير فينا الكراهية بل تؤكد لنا كم هي شنيعة أعمال الكراهية " . واستطرد قائلا إن ذكرى الضحايا " المقصود بها أن يقوم العقل بالاعتراف بالشر ورفضه وإثارة شجاعة الخير فينا ضد الشر ." وهذا القول مسيحي ، رغم أنه اقتبس ، من باب الحذر ، من سوفوكليس وليس المسيح . تكلم البابا عن " المشاعر التي وضعها سوفوكليس على فم أنتيجون أمام الفزع المحيط بها : أنا هنا ليس لأكره بل لكي نحب سويًا " . ضربة جميلة جدا سجلها البابا إلا أن لا حاجة لكون المرء مسيحيا ليفهم أنه لا يجب أن يستمر الإنسان في الكراهية وأن البشرية جمعاء ، بما فيها الأعداء ، مدعوة للمحبة وذلك هو الغرض الذي من المفترض أن يهدف إليه إحياء الذكريات . جديرة بالتأمل ، وخاصة فيما يتعلق بالكاثوليك التقدميين ، هي النبرة التي نقلت بها الصحف والتليفزيونات ذلك الحدث الطقوسي . فجميع التقارير كانت صورًا طبق الأصل : نفس العلامات وفي نفس لحظات الطقوس ونفس الحزن ونفس الكلمات . فبدا وكأن الصحفيين كانوا على علم بأن ما يقومون به ليس سردًا للأحداث بل مشاركة فعلية في ليتورجية ما . ومثلما كان المؤمنون في قداس زمان يردون على الكاهن بكلمات محددة ، فهم أيضًا بدورهم كانوا ينطقون بالمردات التي تتطلبها تلك الليتورجية . إنهم لم يقوموا بقص الأحداث بل عزفوا على أرغن القداس دون أدنى تنويع ، بالذات مثلما كان مكتوبًا في نوتات الأنشدة الغريغورية : "لا يجوز التنويع" . فلم يعودوا مراقبين بل أصبحوا شعبًا من المؤمنين المشاركين في الطقس الرئيسي للديانة الوحيدة التي يجب عليهم وعلينا جميعًا ، بابوات وأئمة ، أن ندين بها . فقد صاحب سرد الأحداث أو الليتورجية استذكار ليتورجي للمحرقة من خلال أشرطة الفيديو التاريخية القديمة التي هدفها هو تأكيد الإيمان بـ"وحدة" الحدث ومعاناة المختارين التي يُمنع منعا باتا مقارنتها ، ولو من بعيد ، بملايين الأموات في مآسي القرن القصير . وعليه ، فقد ذكر بنديكتس البولنديين والعشرين مليونًا من الضحايا الروس والغجر الذين سقطوا ضحايا لنفس اليد . وذلك مسموح به بشرط ألا تُجرى مقارنات بين هذه المذابح والمحرقة الوحيدة . جريدة "لا ريبوبليكا" وحدها سمحت لنفسها أن تلاحظ أن قائمة البابا كانت تفتقد إلى ذكر "الشواذ جنسيًا الذين نقلوا إلى معسكرات الاعتقال (lager)". ولكن لم يحِن الوقت بعد لليتورجية عامة وإلزامية لهؤلاء الخراف المتألمين الآخرين . وبشأن جوهر الطقس ولمعرفة إلى أي مدى احترم البابا القواعد ، لم يتجرأ الصحفيون على التعبير بأحكام خاصة بهم فقد توجهوا جميعهم دون ما استثناء إلى أعضاء الجالية اليهودية بحيث أنهم موضوع العبادة وكذلك مؤسِّسو الإيمان المدني العالمي لذا فهم السلطة الوحيدة التي يجوز لها إصدار الحكم على كل من يقوم بالمراسم الطقوسية الخاصة بالدين الجديد . وهكذا نقلت الصحافة أن الجالية لها بعض المآخذ . مثلا لاحظ اليهود الإيطاليون أن البابا لم يكرر إدانة معاداة السامية "الحالية" . ولا غرابة في الأمر ، فالكنسية الكاثوليكية أيضًا تعلم الفرق بين الخطية الأصلية والخطية الحالية . كما أن سلالة آدم تتحمل عواقب الخطية الأصلية حتى ولو لم ترتكب خطايا حالية شخصية التي يتم غسلها من خلال المعمودية ، كذلك ، في الدين الشامل الجديد ، فإن جميع من هم من غير اليهود (حتى الفارسيون البعيدون) هم مذنبون بحيث أنهم سلالة هتلر وبما أن طبيعتهم أضعفتها الخطية الأصلية فهم يميلون اليوم أيضا إلى ارتكاب تلك الخطية القديمة . فعلى سبيل المثال إذا اعترضوا على الـ200-300 قنبلة نووية خاصة بإسرائيل والظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون فتُلصق بهم تهمة معاداة السامية . لهذا السبب فإن معاداة الصهيونية يعتبرها اليهود دائما قناعا لمعاداة السامية . وإذا أطلق فلسطيني النار على يهودي ويقتله لا يرتكب جريمة قتل إنما تدنيسا لأنه يكرر الخطية الأصلية . لذلك يجب على الجميع والبابا أيضًا أن يحذروا بشكل مستمر من معاداة السامية وإنكار المحرقة والمراجعة . وبهذا يرتبط المأخذ الثاني . فكما أكد رئيس الجالية اليهودية البولندية "كادليك" فإن بنديكتس لم يذكر "كافة المعانات التي تألم بها اليهود قبل وبعد المحرقة ". قال "كادليك" إن يوحنا بولس الثاني ، على العكس ، كان دائمًا ما يكرر : "معانات اليهود لم تبدأ في عام 1941 ولم تنته في عام 1945 " . وهذه نقطة لاهوتية في غاية الأهمية بالنسبة للدين الجديد فإنه لا يجب أن يقتصر على أن يكون كالكنفوشية عبادة للأجداد فقط . فلا يكفي أن يقوم من يريد أن يكون شريكا في المنافع الاجتماعية الناتجة عن الطقس العمومي ، بممارسة المراسم العامة . يجب أن يؤكد بصريح العبارة على ذنبه واشتراكه في كل ما عانى منه اليهود "قبل وبعد ذلك" ، وهو الأمر الذي لا يعني فقط الاعتراف بأن معاناة اليهود هي معاناة ميتافيزيقية لا يجوز مقارنتها بأخرى أيا كانت فيجب أن يفهم المرء بل أن يستوعب الفكرة بأن اليهود يعانون اليوم أيضًا بسبب ذنبنا الحالي ولذلك يجوز لهم أن يتسلحوا وأن يدفعوا الولايات المتحدة على تدمير العراق وإيران وقهر الفلسطينيين . فإسرائيل مهددة "في وجودها" كما تقول الليتورجية الجديدة وبشكل دائم ومستمر . ويترتب على ذلك أنه ، محاولة منها لأن تعيش في سلام وتخفف ولو حتى قليلا من معاناتها ، لا بد أن تقوم بإخلال استقرار جماهير كاملة من البشر وتنثر الموت واليورانيوم المنضب وتدمر زراعات وحضارات تقف على مستوى أقل (inferior) على بعد آلاف الكيلومترات . لأن الله لم يكن موجودا في أوشفيتز ولنقل ذلك أيضًا إنه غير موجود في أي مكان آخر . إذن ، ينبغي على إسرائيل أن تصبح هي الله . وإذا اقتضى الأمر معاناة أناس أخرى لا بأس : معاناة الآخرين تساوي أقل بكثير من تلك الأبدية والمقدسة للمختارين . |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|