|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#3
|
|||
|
|||
وجوه من المأساة
فإذا كانت كومة التراب قد أصبحت أقصى أماني أطفالنا في دير القمر فكيف هي حال شبابنا وشاباتنا وهمفي بوابة الفرح الوسيعة؟ إنه وجه أخر من وجوه المأساة المتعددة الوجوه تعدد الأحاسيس البشرية وتنوعها. ونكمل الجولة مع الأخت سهام عبود إلى حيث تسكن سعاد(17 عاماً) وهيام(15 عاماً) مع شقيقهما ذي العشر سنوات، في زاوية من زوايا السراي القديمة التي نسيت جدرانها الشبابيك والأبواب، مثلما نسيت أرضها البلاط والأثاث. الجميع يجلسون على فرشة اسفنج وحرامين، فيما إحدى الفتاتين تلتف بحرام وتمعن تقوقعاً في زاوية الغرفة. - هل العائلة متفرقة أم . . .؟ صمت مشحون. أعين مغرورقة بالدموع. وجوه غارقة في المأساة . . . وكلمات مترجرجة، مرتبكة : - إننا البقية من العائلة . . . ردت إحداهما. - كيف وصلتم إلى هنا ؟ - بعدما شاهدنا مجزرة والدينا وأربعة من أشقائنا، استطعنا النجاة بأعجوبة وهربنا بين الأحراج . . . لم أجرؤ على السؤال عن الوضع المعيشي فالحرمان وفرشة الإسفنج، كيس أرز صغير . . . البرد والجوع . . . خير جواب. وإذا كان هذا غير كافٍ فيكفي أن تعرف ان سبب التفاف هيام بالحرام لم يكن بسبب البرد بل بانتظار أن يجف فستانها الصيفي الوحيد الذي لم يعد لها سواه من كساء. فتى السنوات العشر قال : الحياة عندي أصبحت لا شيء . . الوالدان كانا حياتي فماذا يبقى لي بعد موتهما وموت اخوتي معهما ؟!. وفي مكان آخر بالجوار كانت تنمو مأساة من نوع آخر : أب لأربعة أولاد راح يبكي بمرارة لما سألته كيف وصل إلى هنا. قال : " عم أبكي من الفرح . . كتر خيرك يا الله لأنك قويتني على التجربي . . . عم أبكي من الفرح لأني قدرت أوصل بسلامة مع أولادي الأربعة. عشر ساعات مشي بالبراري بلا أكل ولا شرب ولا استراحة. كل الطريق خوف وتعب . . . شفت الموت قدامي. ولما وصلت على وادي رشميا فكرت هونيك - يا ربي تسامحني - انو أترك ولدين من ولادي لأن ما عاد فيي كفي الطريق مع الأربعة. قلت بترك الزغار وبكفي مع الكبار . . ." - ليش حتى تفكر تترك الزغار؟ - حتى لما أبعد عنن ما إسمع صوتن عم ينادوني يا بابا . . . بس الله كبير قواني ووصلني، لكن مش عم بقدر فكر كيف سمحت لنفسي فكر بأنو أترك هالطفلين الأبريا. مش عم فيي نام . . . أحدهم بدا كواحد من أولئك المدمنين الذين نشاهدهم في الأفلام السينمائية وقد أصيب بنوبة عصبية حادة نتيجة لحاجته الملحة الى الدخان قال : هجرنا من بيوتنا، من قرانا وتركنا جنى عمرنا . . . ما عاد عنا شي، الله بيدبر. بس نوصل لوقت ما نلاقي فيه سيجارة؟ . . . وخدلك على وجع راس ونرفزة. ضيق خلق وتوتر، حتى ما عاد إلي جلد عالولاد. ما عدت اتحاكى، ومرتي ما عدت اتحملا. خلقت المشاكل بالبيت. ما تواخذيني قلت بالبيت قال وكأنو بعد في إلنا بيت. مناكل ومنشرب قهر وتعتير، منام محتاجين شي ومنقوم محتاجين اكتر. . . . وهام الزوج المدمن على التدخين بين عيال المهجرين يبحث عن معشوقته وهو في أشد أوقاته حرجاً وحاجة إليها : السيجارة، ذلك الادمان المدمر والعشق القاتل. كان مستعداً لان يعطي أي شيء مقابل حصوله على علبة سجائر، بل على سيجارة واحدة تعيد إليه توازنه المفقود، واستقراره العائلي، والبقية الباقية من الحد الأدنى من القدرة على الصمود. بعضهم أشترى علبة السجائر بمئة ليرة، وبعضهم باعها من مهجر بمئة ليرة لا يملك سواها ! . وهناك من طلب المخدرات، وحصل عليها . . . لكنه لم يستطع التخلص من كابوس، لجأ الى المخدر لطرده، فوقع في شباك الدواء من دون ان يتخلص من الداء !. * * *
__________________
" ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. " رومية 8:37
" من هو الذي يغلب العالم الا الذي يؤمن ان يسوع هو ابن الله " 1 يوحنا 5:5 ![]() ![]() ![]() |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|