الي المصريين مسيحيين ومسلمين دعوة للعصيان المدني!!!

[محمد عبد المجيد]

أخي الكريم
pharo of Egypt


وحتى لو قضيت ما بقي لك من عمر تحارب الاسلام، دين الشيطان وفقا لأدبياتك، فلن تحرك شعرة واحدة من موقعها.
السبب بكل بساطة أنك تحمل في قلبك بركانا هائجا من الكراهية قد تعرف أنت سببه، لكنه لن يوقد شمعة أو يساعد الأقباط، أو يساهم في خلق مجتمع متسامح يعيش فيه أولادنا وأحفادنا في مصر.
حاولت ما وسعني الحب لأقباطنا .. شركاء الوطن، ووجدت منك أسلوبا فجا وغليظا وقاسيا لا يتناسب إطلاقا مع التسامح الذي أتى به المسيح عليه السلام.
أغلب الظن أنك في حاجة ملحة إلى أن تحضر صلاة الأحد، وتشعل شمعة، وتجلس في هدوء وروية، وتبدأ في استخراج مكنون الكراهية طالبا من الله أن يساعدك، وأغلب الظن أن الله لن يخذلك أبدا.
جئتك بما لم يفعله مسلم آخر، ومددت يدي عشرات المرات، وأصررت، ولازلت، أن حقوقك القبطية هي واجباتي حتى لو تخليت أنت عنها، لكنك لم تجد في قلبك أو قاموسك أو إيمانك ذرة حب واحدة تقدمها لي، أو حتى أسلوبا راقيا مهذبا وجميلا لعلي اقتنع بكلامك.
أنت تخوض معركة خاسرة بكل المقاييس تماما كما يخوض المتطرفون الاسلاميون نفس معركتك، ويكفرون الآخرين، وينكرون حقوق أقباطنا.. شركاء الوطن، ويصنعون من الغل والحقد والبغضاء كلمات مفخخة تنعكس على النفوس والتربية ثم يبدأ تفتيت الوطن.
هل تابعت الصراع بين التوتي والهوتسي في بوروندي منذ عشر سنوات؟
كانت الكراهية من الجانبين تكبر .. وتكبر، ويظن كل طرف أنه سينتصر أو أن القوى الخارجية لن تسمح بالغليان، وكانت النتيجة .. مليون قتيل بريء في دولة صغيرة.
أنا أعلم أنني لن أحرك فيك ذرة واحدة من مشاعر الحب والتسامح، فربما لديك تجارب شخصية خاصة، ولكن الشيء الذي أنا مؤمن به أنك، والحمد لله، لا تتحدث باسم أحبابنا .. أقباط مصر أو المهجر.
قد يدعمك واحد أو اثنان أو عشرة أو مئة، لكن هناك ملايين من الأقباط الطيبين المسالمين الذين يطالبون بحقوقهم كاملة في وطن للجميع، ولا يتمنون أن يعتنق المسيحيون الاسلام أو يقبل المسلمون جماعات على المسيحية، فليس لأحد فضل في أنه خرج من بطن أم مسيحية أو مسلمة وتشرب تعاليم دينه في الصغر.
لن تستطيع كتاباتك أن تقنع مسلما واحدا بمساحة التسامح في المسيحية إن كان أسلوبك الفج والغليظ هو الذي يعبر عن تعاليم المسيح الروحية، ولن تستطيع أن تقنع كل الأقباط الطيبين الذين يحملون ذكريات حلوة ولهم أصدقاء ومعارف وجيران في وطن واحد بأنهم يواجهون دين الشيطان حسب زعمك.
عتابي الآن على الاخوة الأقباط في منتداكم الموقر الذين يلتزمون الصمت بحجة ارتفاع حدة الحديث أو يبتسمون رضاء على قذائفك الباطلة أو يمرون مر الكرام على قنبلة كلامية مفخخة ستنفجر في يوم من الأيام في المسلمين والأقباط دون تمييز.
ليس في كتاباتي كلها كلمة تسيء لك أو لغيرك، ومع ذلك فلم أسلم من جمود وفجاجة طريقة تعاملك ظانا أن الآخر المتسامح أضعف من أن يرد أو يجادل أو يناقش، لكن الحقيقة كما ذكرت من قبل، رغم معرفتي الجيدة بالدينين الكبيرين، أن الله هداني إلى أكبر نعمه وهي أن أترك الآخرين يختارون، وأن الله يوم القيامة لن ينحاز إلا لمن أتاه بقلم سليم.
أقباط مصر يحتاجون إلى كل دقيقة من وقتنا، وإلى الوقوف معهم في حقهم لمواطنة كاملة، وإلى اقناع الأغلبية المسلمة أن التسامح هو القيمة الكبرى في الدينين معا.
قل لي بربك، هل تنام مستريح البال، وقرير العين، وهاديء النفس؟
لا أظن هذا مطلقا فقد تابعتك، وتمكنت أنت أن تجعلني أخرج من منتداكم الموقر حزنا وغضبا ولم أرد أن أسيء إليك فعف لساني، وتركتكم لبعض الوقت لولا أن جاء الأخ الكريم بلبل بتجديد موضوع العصيان المدني، وطرحه بطريقته الجميلة المحببة، وعرف أن ليس أمامنا غير العيش في هارمونية منسجمة متحابة بدلا من حروب كلامية تصنع مستقبلا مزريا للمسلمين والأقباط في مصرنا.
راجع نفسك، وتسلل بهدوء ودون جلبة وضجة إلى مواطن الخير فيها، وافتح الكتاب المقدس، واقرأ كلمات المسيح وطرق تعامله مع خصومه، وفكر في مستقبل مشرق جميل نتعاون فيه جميعا ولو عكرت عليه بعض الذكريات المؤلمة عن تمييز أو اضطهاد أو استعلاء أو فوقية.
تسألني عن التطرف القبطي؟
إنه أنت، أخي الكريم، بكل ما يحمل قلمك من حدة تغرزها في وجوه الآخرين لأنهم مسلمون وأنت ستحارب دينا عدد أتباعه أربعة أتباع الأرثوذكسية، بدلا من البحث عن الأشياء المشتركة.
في أقل من أسبوع وقعت على نموذجين للتطرف، الأول كان شابا جامعيا في أحد المنتديات يدعى مسلم أون لاين، اتهمني بالكفر والزندقة، وسخر من دعوتي للمساواة، واستخف من قناعاتي بأنني سأقبل عن محبة وطواعية رئيسا قبطيا لمصر ولو رفض كل الذين أعرفهم من المسلمين، ثم انهى حديثه داعيا الله أن يدخلني نار جهنم لأنني لم أفهم الاسلام كما ينبغي.
والثاني هو أنت، أخي الكريم، وعندما عدت إلى منتداكم كنت بالغ السعادة والسرور، وأزمعت أن أعيد الحديث عن العصيان المدني، وتشرق الدعوة له بوجود شركاء الوطن لنقف جميعا ضد قوى التطرف، ونبني لأولادنا وأحفادنا أم الدنيا نفتخر بها، ونحضتنها، وتدعو لنا ومن أجلنا أجيال قادمة أهديناه الحب والتسامح ولم نترك لها قبورا مبعثرة وأشلاء متفرقة وكراهية دفينة.
أخي الكريم
لماذا لا تشارك معنا بأفكارك في العصيان المدني، وتقترح أشياء مفيدة، وتتذكر بعض المواقف الجميلة لك مع صديق في المدرسة وجار مسلم طيب، وابنة الجيران، واحد شيوخ الحي الذي كنت تستريح له، وحتى صوت القرآن الكريم بتجويد من الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وزيارتك مع صديقك المسلم لأحد القساوسة في الكنيسة، ومئات الأشياء الأخرى التي اختفت بعيدا بعدما أهلت عليها التراب في معركتك ضد الاسلام والمسلمين.
عندما أقول لك أخي الكريم فترد علي بــ : أيها المحمدي، وغربان الشمال، فهنا يحتاج الأمر إلى وقفة مع النفس لعلك تجري لها جراحة عاجلة تنتزع منها ما علق بها من كراهية.
الآن بعد أن قلت بعض ما في نفسي وقرأت لك كثيرا مما في نفسك أمد يدي إليك من أجل العمل سويا وكل قبطي يخشى على مصر من الضياع والتفتيت وعلى أهله وأهلنا من مستقبل مظلم مخيف.
أما إذا كان ردك بنفس الردود السابقة فأحسب أن هذه آخر مرة أتحدث فيها إليك، وستظل علاقتي بأحبابنا الأقباط كما هي، ولن ينتقص غضبك قيد شعرة من إيماني بحقوق أقباطنا، وسيكون أسعد يوم في حياتي عندما أعلم أن الأقباط قرروا دعم العصيان المدني في 2 مايو 2005 مشاركة منهم في صنع الوطن حتى لو تعرض بعضهم للأذى النفسي والجسدي من رجال الرئيس المستبد.
والله يرعاك

محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو النرويج