|
المنتدى العام يهتم هذا القسم بالأخبار العامه |
|
خيارات الموضوع | طريقة العرض |
#1
|
|||
|
|||
الصخرة الأرثوذكسية ورياح التغيير
I'm curious what people think of this article. It was published today in Elaph:
http://www.elaph.com/ElaphWeb/ElaphW...05/9/90261.htm أم الشهـداء جميلــــة أم الشرفــاء نبيلــــة عبرت بحـر الآلامـــات حفظت بدماها الحق قويمـا هي كنيسة مصر الأرثوذكسية، القلعة المصرية العتيقة، التي جسدت الهوية المصرية في مواجهة الإمبراطورية الرومانية، ثم رافقها الأزهر الشريف، ليقفا سوياً في وجه جحافل الغزاة التي توافدت على أرض مصر من كل حدب وصوب، لتظل مصر أرض الحضارة، أقوى من الزمن وصروفه. هي بهذا أكبر من أن تكون مجرد مؤسسة دينية تخص أقلية من المصريين هم الأقباط، كانت كذلك دائماً، وعلى مدى عصور عمرها المديد، وهي بالأكثر اليوم، بعد ما حدث بالمجتمع من تغيرات، تعاظم خلالها الدور الاجتماعي والثقافي للمؤسسات الدينية المصرية، والتي امتد نشاطها ليغطي مناطق، تقع بكاملها في الدائرة الوطنية، وتستحق بل ويجب أن تكون محور اهتمام جميع المعنيين بشئون الوطن. • في حضن الكنيسة تتربي الأجيال التي تمارس الحياة العامة على هدي خطاب الكنيسة، متأثرة بنظمها وطبيعة العلاقات السائدة فيها. • وفق خطاب الكنيسة تتشكل عقول ملايين من المصريين، ترى الحياة وتتعامل مع العالم من منظورها، سواء الأقباط الذين تلقوا تلك التعاليم من الكنيسة مباشرة، أو باقي أخوة الوطن، الذين ينتقل إليهم ذلك التأثير بطريق غير مباشر، من خلال التعامل اليومي، والتأثير في المناخ الثقافي العام. • تستقطب الكنيسة اهتمام جماهيرها ووقتهم، وهي ثروة وطنية يمكن تعظيم الاستفادة منها، ويمكن إهدارها كباقي ثروات مصر المهدرة. كل هذا قديم ليس فيه جديد في الحقيقة، لكن الجديد والملح في هذه الحقبة الخطيرة التي تجتازها مصر والمنطقة، هي الدور السياسي الذي اضطرت الكنيسة لأدائه تمثيلاً للأقباط خلال الخمسين عاماً الماضية، في غياب ومحاصرة التنظيمات والتجمعات الشعبية، سواء السياسية أم غيرها. الدور السياسي المتصاعد الذي تلعبه قيادة الكنيسة هو الذي لفت الانتباه في عدة مواقف، ربما بداية من صراع البابا شنودة والسادات، والذي انتهى بنفي الأول واغتيال الثاني، مروراً بتصريحات البابا السياسية في كل المناسبات وبدون مناسبات، وتدخله بعكس الاتجاه المعلن للدولة في قضية التطبيع مع إسرائيل، واستخدامه لعقوبات كنسية عقيدية صرفة، للتحكم في تحركات الأقباط، التي يكفلها لهم الدستور، وتتيحها لهم أجهزة الدولة المعنية، ثم أخيراً وليس الآخر، ما أقدم عليه البابا من مبايعة للرئيس حسني مبارك في انتخابات الرئاسة التي تجري على أرض مصر لأول مرة في تاريخها، بما يهدد بإجهاض احتمالات نجاح التجربة الديموقراطية الوليدة، والتي أطلق شرارتها حسني مبارك نفسه!! هذا الدور السياسي ليس هو كل الأمر فيما يتعلق بالكنيسة، بل هو الجزء اللافت للانتباه، أو الجزء الظاهر من جبل الجليد كما يقولون، فالأخطر هو نوعية الإنسان الذي يتربى في أحضان خطاب الكنيسة ونظمها، ومدى توافقه مع المواصفات المنشودة في جيل نسعى لانفتاحه على العالم، في أجواء منافسة شرسة وسوق مفتوح، لا يعرف رحمة بالضعفاء وعديمي الكفاءة، هل تنتج لنا إنساناً يقدس الحرية والاستقلالية ويؤمن بالعلم، أم تنتج للوطن كائنات ضعيفة مستضعفة، تستأنس العبودية والطاعة والخنوع للسادة الرعاة الكثيرين؟! ترددت طويلاً قبل أن أقرر طرق هذا الباب الذي قد تأتي علي منه عظيم الرياح، وذلك لأسباب عديدة: • عدم تعود الأقباط (شأنهم شأن كل أبناء الشرق) على المراجعة والنقد، خاصة فيما يتعلق بالخطاب أو التقاليد والعلاقات الدينية. • حساسية الأقباط من مناقشة أمورهم في العلن، وقد علمتهم الأيام أن السلامة في التواري عن الأنظار، وتحاشي لفت الانتباه، الذي قد يجر عليهم ما لا يحبون. • حالة الاسترخاء والرضى واليقين بين الشعب القبطي، بأنه كنسياً ليس في الإمكان أبدع مما هو كائن، تجعل نظرة الناس إلى الصوت المخالف أنه ليس أكثر من ابن ضال، حرضه عدو الخير إبليس، حتى يعكر علينا الهناء والسلام، وصلوات الكنيسة جاهزة لطلب الهداية أو الفناء لهؤلاء، بعد وصمهم بأنهم أعداء بيعتك يارب (مثل كل زمان والآن، حل تعاظمهم، وعرفهم ضعفهم سريعاً، اجعلهم كلهم كلا شيء، بدد مشورتهم يا الله)، هذه النظرة تجعل الآذان والعقول مغلقة تماماً أمام كل صوت جديد، وكل محاولة لضخ دماء جديدة في عروق الصخرة الأرثوذكسية العتيقة. • ما تتعرض له الكنيسة من ضغوط خارجية، وتتركز بالأساس في خطاب وممارسات جماعات التطرف الأصولي، يجعل ابن الكنيسة، وكذا المراقب المحايد، يلتزم اللياقة ويبتلع كلماته قبل ريقه، كي لا يضيف إلى الكنيسة أعباء فوق أعبائها، انتظاراً لتوقيت مناسب، عادة لا يأتي أبداً، على نمط شعار "لا صوت يعلو على صوت المعركة"، والمعارك لا تنتهي، لتظل دعوات الإصلاح ومحاولاته حبيسة الصدور أو الزنازين!! كانت تلك العوامل كافية بالنسبة لي على الأقل، لأتجنب الخوض فيما أعتبره ملحُّ وخطير، لأكتفي باهتمامي الأساسي، الوطني والإنساني، متعللاً بأن التغيير سيتسرب حتماً وتلقائياً للكنيسة، مع التغيير في مصر والشرق بكامله، فالأقباط ليسوا كياناً خاصاً متقوقعاً في جيتو، بل هم موزعون كخيوط النسيج عبر الجسد المصري، وتسري عليهم ذات القوانين والتبدلات التي تعتري الثوب كله. لكن هذا التعليل صحيح بدرجة جزئية ومحدودة، نتيجة خاصية التحوصل التي فرضتها على الكنيسة عصور الاضطهاد الطويلة، بما يعني أن الكنيسة ستكون المكون المصري الأقل تأثراً واستجابة لرياح التغيير وفعلها، بما يؤدي لأن تكون عبئاً أو عامل مقاومة للتغيير والإصلاح، في ذات الوقت المأمول منها أن تكون عامل أو قاطرة للتقدم لأبنائها وللمجتمع المصري ككل!! كان هناك أيضاً أن المحبين لمصر والمصريين، سواء كانوا من مفكري الأقباط، أم من رفقاء الدرب والوطن، رموز الاستنارة من المسلمين، هؤلاء لا يجب أن يتقاعسوا عن مراجعة خطاب كنيسة مصر الأرثوذكسية، كركن من أركان الهوية المصرية، ليس في المسائل الدينية اللاهوتية البحتة، والتي هي أمر خاص في كل دين، وإنما فيما يؤثر ويحدد طبيعة العلاقات داخل دائرة المجتمع المصري ككل، وفيما ينعكس على أداء المواطن القبطي، ضمن منظومة علاقات المجتمع المتنوعة. لكن الأهم في حيثيات قرار تناول خطاب كنيسة مصر الأرثوذكسية ونظمها، هو أن نظرة متأملة للعناصر التي أوردتها كمسببات أو مبررات للإحجام عن التناول، هذه العناصر هي نفسها أهم أعراض الداء الذي ينبغي على كل مخلص للكنيسة والوطن، البحث عن دواء له!! فعدم تعود أبناء الكنيسة على النقد الذاتي، ناجم عن ذات النقص أو الداء اللعين، المتفشي في جميع مناحي حياتنا، وهو غياب آلية المراجعة والتصحيح، بما يكفل تدارك الأخطاء، والتطوير المستمر، وأظننا نعرف جميعاً أن الفارق الأساسي بين النظم الاشتراكية والشيوعية المنقرضة، وبين النظم الرأسمالية المنتصرة، كان هو افتقاد والأولى وامتلاك الأخيرة لآلية المراجعة والتصحيح المستمر، وعلينا كمصريين إذا أردنا ألا تتجاوزنا الحياة، وألا يفوتنا قطار الحضارة إلى الأبد، أن نزود أنفسنا ونظمنا باختلاف مجالاتها بآليات النقد والمراجعة المستمرة. مثلها داء التستر والتكتم، أو ما نسميه "عدم نشر غسيلنا القذر على الملأ"، وعكسه الشفافية والمصارحة، بصفتها الوسيلة الوحيدة لكي يدخل نور الشمس إلى كل بقعة في حياتنا، واستبدال قيمة التستر بقيمة الشجاعة الأدبية في مواجهة الأخطاء والعيوب، لتشجيع أبناءنا على رفض الصمت خشية الفضيحة، حتى صارت الخطايا جزءاً أساسياً من مكونات حياتنا، وقد تأقلمنا على التعايش معها، بل المكاشفة والمجاهرة بالأخطاء، فلسنا ملائكة حتى لو ادعينا ذلك، وما دمنا بشر فإن الخطأ وارد، والتصحيح واجب!! آخر تعديل بواسطة afanous ، 13-09-2005 الساعة 05:36 PM |
عدد الأعضاء الذي يتصفحون هذا الموضوع : 1 (0 عضو و 1 ضيف) | |
|
|